بن علوي والغموض غير البناء

  • سعيد بن مسعود المعشني

يحق ليوسف بن علوي أن يطلق على عملية طوفان الأقصى أيَّ توصيف يشاء، فهو سياسي مخضرم صاحب تجربة طويلة تُحترم. كما يحق لمن لا يتفق معه في التوصيف أن يخالفه، فلكلٍّ قراءته وأسبابه.
ما لا يُقبل في كلام الوزير بن علوي هو محاولته للمهادنة في مسألة تبنيه سردية ما جرى في اللحظات الأولى للعملية. فطوال ثمانية عشر شهرًا، يدور صراع كوني على بناء سردية لأحداث ذلك اليوم المجيد.
إذًا، الخلاف مع الرجل ليس على تاريخه، ولا على موقعه من السلطة، ولا على علاقته بها طوال مسيرته السياسية والدبلوماسية، بل يجب أن يكون حول تبنِّيه، ربما دون قصد – إذا أحسَنَّا النية – السردية الغربية المبنية أصلا على الرواية الإسرائيلية لأحداث ذلك اليوم.
في رصيد التاريخ السياسي للوزير بن علوي ما يشفع له، وما يسمح له بأن يقول ما يشاء عن أي موضوع، فالرجل مدرسة. ومع ذلك، لنا الحق في الاتفاق معه أو رفض ما يقوله، فهو ليس نبيًّا مرسلًا، ولا ينطق عن وحيٍ رباني.
أكثر ما يزعجني في أمر الوزير السابق هو ميله إلى الغموض، الذي أراه متصنَّعًا، وقد أصبح طاغيًا على مجمل حديثه وإجاباته في جميع المقابلات التي شاهدتها له مؤخرًا.
قد يكون الغموض مناسبًا ومفهومًا في مرحلة شَغْله منصب رأس الدبلوماسية العُمانية، أما الآن، ففي رأيي المتواضع، لم يعد إلا نوعًا من الهروب من المسؤولية.
إذا لم يُدلِ أمثال يوسف بن علوي برأيهم الآن في قراءة وتوضيح ما يجري من أحداث، فلا أعرف متى يكون الوقت المناسب لحديثهم!
إذا سكت الحكماء والعقلاء والخبراء والساسة عن البيان والتوضيح والتوجيه والإرشاد، فمن يثقف الرعاع ويوجههم؟ فزعيقهم شَنَّف الآذان، وأفسد الذائقة حتى بتنا نخاف على المعتقد.

زر الذهاب إلى الأعلى