أحداث وعبر

الدكتور سعيد المحرمي
كاتب واكاديمي عماني
ما بين أحداث بنغلاديش وأحداث بريطانيا سبب مشترك، فليكن الدرس واضحاً.
ما حدث في بنغلاديش والذي أدى إلى استقالة وهروب رئيسة الوزراء إلى خارج البلاد، وما يحدث من أعمال عنف في بريطانيا سببه الجانب الاقتصادي وقلة الوظائف وبالتالي التأثير على معيشة المواطن.
فاذا كانت نظام المحاصة هو الشرارة والسبب الظاهر لما حدث في بنغلاديش فإن المطالبة بإلغائه ناتج من وجود فقر مروع سببه قوانين ميزت فيه الحكومة بين مواطنيها في الحصول على الوظائف، فلا الشهادات العلمية ولا الخبرات العملية تنفع إن لم يكن ذلك المواطن من أبناء المحاربين القدامى الذين يراهم القانون لهم الفضل في استقلال بنغلاديش عن باكستان. فأصبحت الوظائف محكورة لأبناء النخبة فقط، ووجد المواطن البسيط نفسه منبوذاً وبدون وظيفة وإن كان متميزاً في دراسته ومهاراته.
أما الحال في بريطانيا والذي أدى إلى أعمال شغب أدت إلى مهاجمة الجاليات المهاجرة، فحال بريطانيا كحال كثير من الدول الصناعية المتقدمة التي بدأت صناعاتها وتصديرها للخارج تتراجع، فلم تصبح بريطانيا هي العظمى المعروفة بصناعاتها المتقنة بل أصبحت مستوردة لمعظم البضائع والخدمات تحديداً من دول آسيا، وتراجعت شهرة ماركاتها التجارية وأصبحت مصانعها قليلة، وبالتالي الوظائف محدودة والتنافس عليها كبير جداً، لدرجة ظن المواطن البريطاني بأن المهاجرين هم السبب في شح الوظائف. والجدير بالذكر بأن شح الوظائف هو من أهم الأسباب لخروج بريطانيا من الاتحاد الأروبي بعد ما ظن البريطانيون بأن قلة الوظائف سببها وجود العمالة الأجنبية لاسيما من أوربا الشرقية. ولم ينتبه المُشرّع البريطاني بأن الضرائب والرسوم في بريطانيا هي سبب هجرة رؤوس الأموال والتي أدت إلى انخفاض عدد المصانع. وتم نقل استثماراتهم في دول تراعي المستثمرين بالامتيازات المقدمة لهم وقلة العوائق والتصاريح والضرائب والرسوم.
الخلاصة بأن القوانين الجيدة والمرنة هي التي تجذب المستثمرين وتزيد عدد المصانع وتخلق الوظائف، وفي الجانب الأخر فإن القوانين المُعيقة لعمل الشركات والمستثمرين هي من تجعلهم يهاجروا للبحث عن فرص استثمارية أفضل في دول أكثر تقديراً لأدوارهم في الاقتصاد.





