يوسف بن علوي في “الجانب الآخر”

حمود السيابي


————————
حمود بن سالم السيابي
—————————
تلملمُ عُلا الفارس ذاكرتها وهي تغادر قصر معالي يوسف بن علوي بصلالة بشعور أنه لم يقلْ لميكرفونها شيئا.
ومدعاة استغراب مقدمة برنامج “الجانب الآخر” أنه ما زال “يناور” رغم مبارحته لدائرة صنع القرار العماني.
وأنه يستعين على قضاء حوائج السياسة بالكتمان رغم مغادرته لمبنى وزارة الخارجية العمانية.
وطوال اللقاء الذي امتدَّ لستة وأربعين دقيقة كانت كاميرا الجزيرة تخرج على نصِّ مكان اللقاء ، والمذيعة الأردنية تنوِّع في فساتينها وألوانها ، ومع ذلك فشلت القناة وعُلا الفارس في البحث عن “الجانب الآخر” في السياسة العمانية ، وفي السياسي يوسف بن علوي.
ووفق التاريخ المدوّن على الفيديو فقد تم تصوير المقابلة في يوليو من عام ٢٠٢٣م. لتتكلس طوال هذه المدة التي تقترب من العام ونصف العام داخل علب الأشرطة ، فلا تبث إلا في زمن عربي مختلف في توقيته وغصصه وأوجاعه.
وكان المنتظرون لبرنامج “الجانب الآخر” من قامة بحجم يوسف بن علوي أن يكون نطقه بعد صمت مفلسفاً للتراجيديا السياسية ، وأن يكون الحوار معه مشرِّحاً للجسد العربي الموجوع.
لكن الحوار مع مخضرم الدبلوماسية العمانية والذي تم على مراحل كما يكشفه اختلاف الأماكن وألوان مصار معاليه ، لم يستثمر التأخير الطويل بين التصوير وتوقيت البث ، وذلك باستزادة مشاهد أخرى على ما سبق ، فما ضرَّ قناة الجزيرة لو استأذنتْ معاليه بتصوير مشاهد أخرى يجيب فيها معاليه على الأسئلة التي تمليها مرحلة ما بعد إسماعيل هنية وحسن نصر الله ويحيى السنوار وبشار الأسد وهي الأهم .
ومع ذلك فقد هرولتْ الدقائق الست والأربعون في عمر الرجل ، واقتفتْ خطواته مذ كان طفلا في مزرعة أبيه.
إلى بداية تفتحه في الكويت.
إلى النضال خلف المايكرفون من صوت العرب.
إلى تغير البندقية من منكب إلى منكب في “حمرين”.
إلى العيون التي تلاحقه في “شارع الحمرا” و”برج البراجنة” وقد بيَّتتْ أمراً بليل فخاب المقصد.
إلى اليد العمانية الممدودة للصداقة “لتصافح نفسها العربُ”.
وانتهاء بتربُّعه على عرش الدبلوماسية العمانية كل هذه السنين الممردة بالمجد.
ومن الطبيعي أن لا يساير أبو محمد رغبات عُلا الفارس ، فالدهاة لا يُسْتَدرجون.
والرجل غادر الوظيفة ولم يغادر التكليف ولا أمانة المسؤولية.
ورغم أن معالي يوسف بن علوي لم يتجذر في أصلاب بني أمية ، بل فاخر دوماً بانتسابه لسادات بني العباس ، ومع ذلك وازنَ في معالجاته السياسية بين دهاء معاوية وبُعْد نظر الرشيد.
وفي مقابلته مع عُلا الفارس اكتفى معاليه بإضاءات على أسئلتها النَّهمة واللحوحة وبما يقتضيه المقام والمقال ، تاركا للمشاهد العربي تبيان “مقام الإحسان” لهذا “الصوفي” الذي يخرج من مواريث “حلية الأولياء وطبقات الأصفياء” ليدخل زواريب السياسة فيؤدي باقتدار تكليفه الوطني في “دبلوماسية فن الممكن”.
——————————
مسقط في ١٤ ديسمبر ٢٠٢٤م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى