شيء أو لا شيء؟!

كتب/ سعيد بن مسعود المعشني
لأول مرة في التاريخ تعترف ١٥٧ دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بفلسطين كدولة ذات سيادة. هذا الانتصار العالمي الكبير للقضية الفلسطينية يأتي بينما المجنزرات والمفخخات والجنود الإسرائيليون يحصدون مزيدًا من أرواح الفلسطينيين في غزة، والعالم يتفرج عاجزًا عن إيقاف آلة القتل الإسرائيلية التي تبدو مصممة على إنهاء الحلم الفلسطيني مرة واحدة وإلى الأبد.
ورغم هول المأساة وعِظَم التضحيات، إلا أن وضع القضية الفلسطينية اليوم أفضل بكثير مما كان عليه قبل فجر السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م. فقبل ذلك التاريخ، كان حلم الدولة الفلسطينية يتبخر شيئًا فشيئًا، يومًا بعد آخر، بينما رواية المظلومية الإسرائيلية تسيطر على أسماع وضمائر شعوب العالم، مانحةً إسرائيل مناعة ومشروعية أمام كل محاولات الاعتراف بالحق الفلسطيني.
إن للنضال المسلح وقتًا، ولحمل غصن الزيتون وقتًا آخر. وهذا ـ بلا شك ـ هو وقت النضال السلمي وكسب المزيد من الأصدقاء والداعمين لحقوق الشعب الفلسطيني.
ما قامت به السعودية حتى الآن عظيم ويجب أن يستمر ويتصاعد، وهو بلا ريب أفضل مما أنجزته الدبلوماسية العربية منذ قيام الجامعة العربية وإلى اليوم. وعلى المشككين وأصحاب أحكام التخوين أن يصمتوا، أو أن يبرزوا إنجازًا واحدًا أضاف إلى قضية فلسطين مكسبًا يُبنى عليه.
التاريخ علمنا أن الانقسام يجلب الهزائم ويجرّ الخيبات. ولعل ما تمر به القضية الفلسطينية اليوم يكون سببًا لتوحيد الفلسطينيين خلف قيادتهم الشرعية، رغم هناتها وزلاتها التي تكاد لا تُغتفر أحيانًا. ولعل العالم العربي والإسلامي يتوحد كذلك خلف الجهود السعودية المباركة، لانتزاع ولو قليل من الحق الفلسطيني ولو إلى حين.
لقد أضاع الفلسطينيون والعرب الكثير من الفرص رافعين شعار: “الكل أو لا شيء”، أما الآن فهو وقت شعار: “القبول ولو بشيء” يحفظ ما تبقى، ويؤسس لاسترجاع الحقوق كاملة، وما ذلك على الله بعزيز.





