المعالم التاريخية ركيزة لتنشيط السياحة الثقافية في سلطنة عُمان

مسقط في 3 نوفمبر /العُمانية/ تعدُّ المعالم التاريخية والتراث المادي من الركائز الأساسية في تعزيز الاقتصاد وتنشيط السياحة الثقافية، لما تحمله من قيمة حضارية تمثل الهوية الوطنية لعُمان وتبرز عراقة تاريخها وتنوع حضارتها. كما يُسهم الاستثمار في هذا التراث في تحقيق الاستدامة الاقتصادية وتحفيز فرص العمل المحلية.

وفي هذا الإطار، تعمل وزارة التراث والسياحة على تنفيذ برامج لإحياء المواقع التاريخية وتأهيلها بما ينسجم مع مستهدفات “رؤية عُمان 2040” والخطة التنموية العاشرة، من خلال تبنّي شراكات مع القطاع الخاص لتطوير وتشغيل هذه المعالم، وتوفير تجارب سياحية متنوعة تعزز الجذب السياحي وتحقق عوائد اقتصادية للمجتمعات المحلية.

وقالت زيّانة بنت محمد الحراصية، رئيسة قسم تطوير وتأهيل المواقع التاريخية بالوزارة، إن هذه الجهود تركز على تحويل المواقع التراثية إلى وجهات سياحية متكاملة، تتيح للزائر تجربة ثقافية غنية، وتوفر فرصًا عمل مباشرة وغير مباشرة، مع تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأسر المنتجة، وفتح منافذ تسويقية للحرفيين بما يعزز القيمة المحلية المضافة.

وأضافت أن الوزارة أبرمت 24 عقدًا مع شركات من القطاع الخاص لإدارة وتشغيل عدد من المعالم التاريخية، تحت إشراف لجنة مختصة تتابع عمليات التأهيل والاستثمار. وأوضحت أن المشغلين يحصلون على فترة سماح تمتد لثلاث سنوات لتطوير الخدمات وتحسين التجارب السياحية في المواقع التي يديرونها، ما يسهم في رفع جودة المنتج السياحي وتعزيز مكانة التراث الثقافي كعنصر جذب رئيسي.

وبيّنت الحراصية أن أبرز التحديات التي تواجه إدارة المواقع الأثرية تتمثل في الزحف العمراني، وقلة الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على المواقع التراثية، إضافة إلى صعوبات تتعلق بملكية الأراضي، خاصة في حال تداخلها مع ممتلكات المواطنين أو الجهات الخدمية.

وأشارت إلى أن المؤسسات المشغلة للمواقع التراثية تسعى لتفعيل الأبعاد التاريخية والمعمارية لهذه المعالم عبر أنشطة وفعاليات ثقافية وسياحية متنوعة، مما يثري تجربة الزائر ويعزز ارتباط المجتمع المحلي بالتراث. كما أن تشغيل هذه المواقع يضمن حمايتها من الاندثار ويؤمن استدامتها للأجيال القادمة.

وأكدت أن المعالم التاريخية تمثل عنصرًا حيويًا في تنشيط السياحة الثقافية، إذ تسهم في تنويع المنتج السياحي وزيادة عدد الزوار، فضلًا عن دعم الاقتصاد المحلي عبر فرص العمل وتمكين المجتمع من الاستفادة المباشرة من هذه المشاريع.

من جانبه، أوضح عبد الرحمن بن صالح العبري، رائد أعمال في مجال الجولات السياحية، أن السياحة التراثية تلعب دورًا جوهريًا في تعريف الزائر بتاريخ عُمان وثقافتها، حيث تتيح له الاطلاع على أسلوب الحياة القديمة وفهم التطور الحضاري الذي شهدته البلاد، مؤكدًا أن المعمار العُماني القديم وتجربة الحياة التقليدية يمثلان عامل جذب رئيسي للسياح.

أما يوسف بن زهران الذهلي، صاحب مشروع “فلج كافيه”، فأشار إلى أن المشروعات القائمة في المعالم التراثية تسهم في إحياء القيم الموروثة وتعزيز ارتباط الأجيال الحديثة بالإرث الثقافي، كما تشجع على ترميم النزل والمتاحف والمباني القديمة، بما يوفر فرص عمل للشباب ويرفد الاقتصاد المحلي بدخل مستدام.

وخلاصة القول، فإن الاستثمار في المعالم التاريخية بسلطنة عُمان لا يقتصر على حفظ التراث فحسب، بل يشكل رافدًا اقتصاديًا وسياحيًا مهمًا، يعزز من مكانة السلطنة كوجهة ثقافية غنية بالتاريخ والتنوع الحضاري.

زر الذهاب إلى الأعلى