يا شَهْدَ ثَغْرٍ

شعر : حمد الراشدي

يا شَهْدَ ثَغرٍ أُسْقِيتُهُ عَلَلا

يَوْمَ الْتَقاني فزادَني عِلَلا

مِنْهُ الحبيبُ ارْتَويْتُ لا عَجَبٌ

مَنْ ذا فَيَرْويني غيْرُهُ عَسَلا

فيهِ التّفاني فَدَيْتُ لَحْظَتَهُ

لمّا سَقاني أماتَني غَلَلا

يا أيُّها الْمَكْنُونُ في خَلَدِي

عُدْ بالتَّلاقي وانْسَ مَنْ عَذَلا

كمْ أنْتَ مِنِّي والحُبُّ يَغْمرُني

فيكَ اشْتِياقِي والْقَلبُ قَدْ نُصِلا

كمْ ليْ لَياليْ ما عادَ غائبُها

لَبَّى الهوى فيها كيفَ ما سُئلا

هلْ لي بِساعاتٍ لِلْهَوى حُبِستْ

وبَوْصَلِ الْعُمْرِ حالَ أوْ قَفَلا

كَيْما أرى والأنْسامُ ما بَرِحَتْ

تُغْري جُموحي والصُّبْحُ قد وَصلا

هَيْهاتَ هَيْهاتَ ليْس يُرْجِعُها

حُكْمُ ألأماني والأمْسُ قدْ رَحَلا

ذا سُنَّةٌ في الأيّامِ نَعْرِفُها

ما كانَ أمْسًا لنْ يَنْسِلَ الْبَدَلا

الأمْسُ لِلْأمْسِ خَيْرُ ما خَبُرَتْ

بِهِ المَواضي بخَيْرِ ما حَصَلا

لكنَّنا والأزْمانُ في كَدَحٍ

إنْ نَعْمُرِ الْيَوْمَ نَكْسِبِ الأمَلا

في أنْ نَكونَ القَوْمَ قد مَرنوا

ونازلوا الدَّهْرَ حِينَما نَزَلا

ما حِيلَةٌ للنِّزالِ إنْ لَزِمَتْ

إلاّ غدًا بالإنْسانِ قَدْ وُصِلا

ذاكَ العِمادُ اسْتَقامَ هَيْكَلُهُ

إذا الأساسُ اسْتقامَ واعْتَدلا

نَبْني على الطّوبِ صارَ مقصدَنا

كأنَّ بالطّوبِ نَسْبُقُ الدُّوَلا

ونرْصصُ الدُّورَ فَوْقَ حاجتِنا

ياليتَ شِعْري مَنْ يَسْكنُ النُّزُلا

ذاك الذي قد قضاهُ مِنْ عُمُرٍ

مِنْ دونِ شُغْلٍ ، يُداعِبُ المَلَلا ؟

أمْ ذاك مَنْ في الدّيونِ قاربُهُ

قاعًا هَوىٰ ، أمْ ذاك الذي فُصِلا ؟

لا شَكََ في العِمْرانِ مَنْ هَدَفٍ

إنْ جِيدَ بَدْءًا وأَثْرَ مُكْتَمِلا

لا يَعْمُرُ الأوطانَ في زَمَنٍ

إلاّ بَنُوها ، وفازَ مَنْ عَمِلا

وذاكَ إنْ مُكِّنوا على نَسَقٍ

بالعِلْمِ أركانًا قامَ واعْتَملا

أكْرِمْ بذي العِلْمِ جادَ مُحْتَرِفًا

إلى ” أبِقْراطَ ” جَدَّ مُتَّصِلا

إنَّ الطّبيبَ الذي سَما عَملًا

مِنْ مِهْنةٍ ليسَ تَقْبَلُ العَطَلا

مِنْ أصْلِها في العُهودِ ما فَتِئتْ

حِفْظُ الوَرى في الحَياةِ لا جَدَلا

تَرْقى الحضاراتُ أينَما برَعَتْ

والطّبُّ قد حازَ فَضْلَ ما فَضُلا

لكَنّهُ ليسَ مَحْضَ أجْهِزَةٍ

ولا صُروحًا تُسامِقُ الجَبَلا

بَلْ بالْكفاءاتِ رَقَّ مِضْبَرُها

أعادِتِ الرُّوحَ حِينَ لا أمَلا

وبالطبيبِ اسْتَدارَ مِعْطَفُه

دفْأً يُداوي ، فطابَ مَنْ ذَبُلا

أدُّوا إلى الطِّبِّ حَقَّ رائدِهِ

مَنْ غَيْرُهُ الدَّهْرَ يَسْهَرُ الليُلا ؟ (١)

وأغْدِقوا المالَ دونَما قَتَرٍ

نَقْصُ الأطبِّاءِ يَقْتَضي جَزَلا

زِيدوا لِمَنْ يُبْعَثُونَ مِنْ نُجُبٍ

عادوا غَدًا مُخْتَصِّينَ أوْ زُمَلا

لا ضاع مالٌ ولا خلا هَدَفٌ

ما دامَ للطِّبِّ أيَّما بُذِلا

فابْقَوْا كِرامًا حِيالَ مُسْعِفِكُمْ

تَبْقُوا صِحاحًا وتَبْلُغوا السُّبُلا

زر الذهاب إلى الأعلى