شركات الظل: إفلاس وهمي وعبء حقيقي على الاقتصاد الوطني

✍️ خالد بن شاهين
في خضم تحولات اقتصادية وتنموية كبرى، باتت ظاهرة الشركات الورقية أو الوهمية إحدى أبرز الإشكاليات التي تهدد استقرار السوق وتضرب مبدأ التنافس العادل في مقتل. هذه الكيانات التي تأسست في ظاهرها كمقاولين رئيسيين للمناقصات الحكومية، لم تكن سوى واجهات مؤقتة لتمرير المشاريع، دون بنية تشغيلية حقيقية أو التزام فعلي بالتنفيذ المستدام.
تسببت هذه الشركات في سلسلة من الأزمات، أبرزها تسريح جماعي للموظفين فور تعثرها أو إعلان إفلاسها، إذ إنها عمدت إلى تقليص التكاليف عبر التخلص من القوى العاملة، أو إحالة الأعمال إلى مقاولين من الباطن برواتب متدنية وشروط تشغيل غير عادلة. ومع غياب الرقابة الفاعلة، أصبحت بيئة العمل في هذه الشركات طاردة للكفاءات الوطنية.
ولعل الأخطر من ذلك، أن هذه الكيانات أسهمت في تعميق أزمة الباحثين عن عمل، إذ حجزت هذه الشركات مناقصات كبرى، دون أن تُحدث فرص عمل حقيقية، مكتفية بتسجيل أسماء على الورق، أو بالاستعانة بعمالة مؤقتة وغير مستقرة. الأمر الذي وضع الدولة في مواجهة مباشرة مع آلاف الشباب الطامحين لوظائف مجدية، وفتح الباب أمام حالة من الإحباط المجتمعي المشروع.
إن ما يحدث ليس فقط خللاً اقتصادياً، بل مؤشر على وجود ثغرات رقابية وتنظيمية، يجب معالجتها بفتح ملفات هذه الشركات، والتحقيق في خلفيات تأسيسها، وآليات ترسية المشاريع عليها. هناك سجلات فساد – صامتة حتى الآن – يجب أن تُفتح، لا من باب التصعيد، بل من باب إحقاق العدالة، وحماية المال العام، واستعادة الثقة في نظام المناقصات.
المطلوب اليوم موقف وطني حاسم، يبدأ من مراجعة آليات الترسية، مروراً بتدقيق أهلية الشركات المشاركة، وليس انتهاءً بتقديم الدعم للمؤسسات الحقيقية التي توفر فرصًا مستدامة وتدعم الاقتصاد الوطني لا تستنزفه.





