بين الحقوق والواجبات: المواطن شريك في صناعة وطنه

✍️ خالد بن شاهين

النهضة تبدأ من وعي المواطن… وتنمو بشراكة صادقة مع الدولة

في أي وطن يسعى للنهوض، تتأسس العلاقة بين المواطن ودولته على مبدأ الموازنة الدقيقة بين الحقوق التي تكفل الكرامة والفرص، والواجبات التي تحفظ الاستقرار وتدفع عجلة التنمية. هذه العلاقة ليست ترفًا فكريًا أو شعارات تُرفع أمام المؤسسات الدولية، بل ممارسة يومية تنعكس في سلوك المواطن وأداء الحكومة على حد سواء.

الحقوق : ضمان الكرامة والفرص المتكافئة

الحقوق الدستورية — من التعليم الجيد، والرعاية الصحية، والعمل الكريم، وحرية التعبير، والمشاركة السياسية — هي الأساس الذي يقوم عليه أي عقد اجتماعي ناجح. غير أن النصوص وحدها لا تكفي، ما لم تتجسد في سياسات عادلة وتطبيق واقعي يتيح للمواطن الوصول إليها دون تمييز أو قيود شكلية.

الواجبات: صمام الأمان للاستقرار

كما يطالب المواطن بحقوقه، فهو ملزم بواجبات لا تقل أهمية: احترام القانون، والمساهمة في التنمية، والحفاظ على الممتلكات العامة، ودعم أمن المجتمع ووحدته. فالنهضة الحقيقية تقوم على التزام متبادل، حيث يكون المواطن عنصر بناء لا مجرد متلقي للخدمات.

القانون : حماية للحرية وتنظيم للنظام

القانون ليس أداة تقييد، بل إطار يضمن أن تمارس الحريات في نطاق يحفظ حقوق الجميع. فحرية الرأي مثلًا حق أصيل، لكنها تتطلب مسؤولية تمنع الانزلاق إلى خطاب الكراهية أو الفوضى. والمشاركة السياسية لا بد أن تظل ساحة للحوار البناء لا ساحة للانقسام.

تمكين المواطن : من الشكلية إلى الفعل

المشاركة الحقيقية في صناعة القرار لا تتحقق بالاستعراضات الإعلامية، بل بفتح قنوات حقيقية للتشاور، وتمكين اقتصادي واجتماعي يتيح للمواطن أن يكون فاعلًا في صياغة السياسات، لا مجرد شاهد على قرارات جاهزة. الحكومات الرشيدة تدرك أن إشراك المواطن هو ضمانة للاستقرار والتنمية، لا تهديد لها.

التعليم : غرس القيم منذ البداية

بناء وعي الحقوق والواجبات يبدأ من المدرسة. إدراج منهج وطني يعزز قيم المواطنة، وحقوق الإنسان، والعمل المشترك، هو استثمار في جيل يعرف حدوده كما يعرف حقوقه. هذا الجيل سيكبر وهو يمارس المواطنة كسلوك يومي، لا كنص قانوني أو شعار إعلامي.

شراكة من أجل المستقبل

التاريخ يثبت أن الأوطان لا تبنى بجهد الحكومات وحدها ولا باندفاع المواطنين فقط، بل بشراكة حقيقية بين الطرفين. حين يدرك المواطن أنه شريك في صناعة الحاضر والمستقبل، وتعمل الحكومة على تمكينه وحمايته، تتحول النهضة من مشروع على الورق إلى واقع يعيشه الجميع.

الوطن الذي يزرع هذه القيم في أطفاله، ويمكّن شبابه، ويحترم شراكته مع مواطنيه، هو وطن يضمن أن المستقبل لن يكون مجرد أمل مؤجل… بل حقيقة تُصنع كل يوم.

زر الذهاب إلى الأعلى