اتفاقيات خاوية تستهلك المال وزيارات وسفر بلا عائد للوطن

خالد بن شاهين

في زمن تتسارع فيه التحولات السياسية والاقتصادية، يُفترض أن تكون الاتفاقيات الدولية ركيزة للتنمية ورافعة حقيقية لمصالح الأوطان. لكن ما نراه اليوم لا يتعدى كونه أوراقاً موقعة وحدودها الإعلام والدعاية لقاءات رسمية كلمات منمقة، مؤتمرات مصوّرة، وابتسامات أمام عدسات الكاميرات بينما المضمون غائب والنتيجة على المواطن صفر.

اتفاقيات تبادل خبرات وتعاون مشترك تكتب بعناية، لكنها لا تنفذ. تظل حبراً على ورق. لا تثمر علماً، ولا تخرج مشروعاً، ولا تضيف إلى خزينة الدولة سوى فاتورة سفر وإقامة ومخصصات لوفود تملأ الفنادق وتستنزف المال العام المستفيد الوحيد هو مجموعة صغيرة تتقن فن التسويق لنفسها، وتلبس فشلها عباءة “الحكمة” و”الرؤية”، بينما حقيقتها لا تتجاوز حدود الذكاء المصطنع بالنصب والاحتيال على الدولة والمواطن من جلدتهم.

العقول الخاوية.. وأزمة الباحثين والخريجين

غير أن القضية لا تقف عند حدود هذه الاتفاقيات، بل تعكس مشكلة أعمق وهي العقول الخاوية التي تدير الملفات وتهدر الفرص. فبينما تعقد المؤتمرات وترفع الشعارات، يعيش الوطن أزمة متفاقمة آلاف الباحثين عن عمل ينتظرون، موظفون مسرحون يبحثون عن بدائل، وخريجون جدد يقفون على أبواب مستقبل بلا أفق. هذه الطاقات المعطلة هي الخسارة الكبرى، لأن أي اتفاقيات حقيقية كان الأجدر أن تترجم إلى مشاريع توفر فرص عمل وتفتح مسارات جديدة للشباب بدلاً من أن تبقى مجرد دعاية سياسية وإعلامية.

إن استمرار هذا النهج لا يعني سوى إهدار الوقت والمال وتكريس صورة بلد مشغول بالمظاهر لا بالجوهر. وما لم تكن هناك مكاشفة ومحاسبة، فإن القادم سيحمل المزيد من الوعود البراقة التي تتبخر مع أول رحلة عودة على مقعد درجة رجال الأعمال، بينما يبقى المواطن والخريج والباحث عن عمل في الطابور نفسه ينتظرون فرجاً لا يأتي.

زر الذهاب إلى الأعلى