زنجبار وحنين الأرواح

عزيزة راشد
كاتبة عمانية
تحلق طائرة الطيران العماني عاليا ، ومعها نحلق فوق السحاب ، كل الركاب في الطائرة عمانيين ، طوال الرحلة وأنا أسمع أحاديثهم ، أحدهم ذاهب ليجني محصول المانجو في الشانبة وهي مصطلح سواحيلي يعني المزرعة ، والآخر يجني محصول القرنفل ، مزارعهم وارفه الظلال مليئة بالثمار ، البعض يتحدث عن بناءه لبيت جديد وآخر يتحدث عن البيوت التي يملكها والمزارع ، لما لهذا الحد يعشق العمانيين زنجبار ؟
في تمرد 1964 ترك العمانيين في زنجبار مزارعهم وبيوتهم ومحلاتهم ، من أسعفه الحظ خرج سالما من زنجبار ومن لم يسعفه الحظ مات أما محروقا أو منحورا أو مهشم الجسد ، ترك العمانيين مزارعهم وبيوتهم ومحلاتهم التي أستولى عليها الأفارقة ، عادوا الآن مجددا ليشتروها من الأفارقة ، إنقاذ ما يمكن انقاذه وانقاذ ما لا يمكن انقاذه .
أحدق في الخريطة ، تأتي زنجبار كجزيرة صغيرة تنام بكل طمأنينة في البحر مع سكانها من العمانيين ، يؤذن فيها الإمام للصلوات الخمس ويصوم أهلها شهر رمضان الكريم ومنها يذهبون للحج وينامون باكرا ليصحوا باكرا طلبا للرزق في جزيرة ذات أراضي خصبه ومزارع خضراء ومياه عذبه ومناخ معتدل ، يسكن فيها العمانيين إلى جانب الأفارقة والهنود والإيرانيين وبلوش جواذر وشعوب أخرى مختلفه بكل سلام وأمان .
ما الذي حدث ، لما لم تترك هذه الجزيرة الوادعه لتنام بطمانينه آخر كل نهار كعادتها ، لما أراد الغوغاء أن يدمروا الحضارة فيها ، وينزعون أرواح سكانها الآمنين المطمئنين ، قطعوا الضرع وهلكوا الزرع ووحدهم كانوا الأشقياء .
لما لم تترك زنجبار في هدوئها وطمأنينتها ؟ ، ولكن هذا حال البشر ، حقد وحسد وغدر وخيانه وطمع ، وهذه صيرورة التاريخ المتحولة التي تقول قاعدتها : لا أحد سيبقى ، لا دول ولا بشر ، كل شي سوف يتغير ، مسألة وقت فقط ، هناك دول تبقى 100 سنه وأخرى تبقى 1000 سنه ولكنها في النهاية تنتهي لتحل محلها دول أخرى وشعوب آخرين ، هكذا هي صيرورة الحياة .





