لا قيمة لليوم العالميّ للسّلام إنْ لم يدرك السّلام غزّة

بقلم: د. سناء الشعلان.


*أكاديمية وروائية وناقدة أردنية من أصول فلسطينية، تشغل منصب الرئيسة الفخرية لمنظمة السلام والصداقة الدولية، وصدرت لها عشرات المؤلفات الأدبية والنقدية. كرّست كتاباتها للدفاع عن قضايا الإنسان

في الحادي والعشرين من سبتمبر من كلّ عام، يحتفي العالم باليوم العالميّ للسّلام الذي أقرّته الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة عام 1982 ليكون يوماً للتوقّف عن العنف وإطلاق النار، ويومًا لترسيخ ثقافة السلام والعدالة والحرية بين الشعوب.
غير أنّي أتساءل: أيّ معنى لهذا اليوم في ظلّ الدماء المسفوكة في غزّة؟ وأيّ قيمة لشعارات السلام ونحن نشهد بأمّ أعيننا أفظع عمليّة إبادة جماعيّة لشعبٍ أعزل يُباد على مرأى ومسمع العالم، بينما يخيّم الصمت الدوليّ المخزي على المشهد؟
إنّ غزّة اليوم ليست مجرّد مدينة تُقصف، بل هي شاهد حيّ على انهيار الضمير الإنسانيّ. الاحتلال الصهيونيّ يمارس أبشع أنواع الجرائم: قصف للمدنيين، تدمير للبيوت والمدارس والمستشفيات، قطع للماء والكهرباء والدواء، وتشريد قسريّ لآلاف الأسر، وصولاً إلى قتل النساء والأطفال والشيوخ بدم بارد. كلّ ذلك يحدث في بثّ حيّ ومباشر، والعالم يكتفي بالتصريحات الجوفاء.
فأين هي الأمم المتحدة التي أقرّت هذا اليوم؟ وأين هي المؤسّسات الدولية التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان؟! إنّ هذا الصمت هو تواطؤ، وهذا العجز هو خيانة لمعنى السلام والعدالة.
أقولها بوضوح: لا قيمة لليوم العالميّ للسّلام ما لم يتحقّق السلام العادل والشامل في غزّة، وما لم يمتدّ ليشمل كلّ الشعوب المستضعفة على وجه الأرض. بخلاف ذلك فإنّ الاحتفال بهذا اليوم ليس أكثر من مسرحية هزلية، ووصمة عار في جبين الإنسانيّة.
اليوم، العالم كلّه على المحكّ. إمّا أن ينهض لوقف الإبادة في غزّة ونصرة الشعوب المقهورة، أو أن يخسر إنسانيّته إلى الأبد. وإن فشلت البشريّة في هذا الامتحان، فالأجدر بها أن تصمت إلى الأبد، وألّا تتغنّى بسلامٍ مزيّف لا وجود له إلا في الشعارات.

زر الذهاب إلى الأعلى