النظام الضريبي العُماني يرسّخ جاذبية السلطنة للاستثمارات الأجنبية

مسقط في 6 ديسمبر 2025 /العُمانية/تُعد كفاءة النظام الضريبي عاملًا محوريًّا في قرارات المستثمرين المحليين والدوليين، إذ ترتبط مباشرةً بتكاليف ووقت الامتثال الضريبي. وكلما كانت الإجراءات أكثر بساطة وأقل تكلفة، ازدادت جاذبية بيئة الاستثمار. وفي هذا السياق، تبرز سلطنة عُمان كإحدى الدول التي توفر نظامًا ضريبيًّا فعالًا وسهل الامتثال.
وتشير البيانات إلى أن الشركات المتوسطة في سلطنة عُمان تحتاج إلى نحو 68 ساعة سنويًّا فقط لإعداد وتقديم وسداد الإقرارات الضريبية، أي ما يعادل 5 إلى 6 ساعات شهريًّا، وهو معدل أقل بكثير من المتوسطين الإقليمي والعالمي؛ إذ يبلغ المتوسط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر من 200 ساعة، بينما يصل عالميًّا إلى 234 ساعة.
ومع التوجه الحكومي نحو التحول الرقمي، شهدت الخدمات الضريبية نقلة نوعية، حيث أصبح إلزاميًا منذ مارس 2020 تقديم جميع الإقرارات الضريبية وسداد المستحقات إلكترونيًّا عبر البوابة المخصصة، مع وقف استقبال الإقرارات الورقية. وقد أسهم هذا التحول في تيسير الامتثال خاصة للمستثمرين الأجانب. كما شمل هذا التوجه ضريبة القيمة المضافة التي طُبقت في عام 2021 بنسبة 5 بالمائة، ويتم التسجيل وتقديم الإقرارات إلكترونيًّا كل ثلاثة أشهر، إلى جانب نشر أدلة إرشادية رقمية لتسهيل الامتثال الطوعي.

ويمثل معدل ضريبة الشركات البالغ 15 بالمائة عنصرًا جاذبًا للاستثمار، إضافةً إلى عدم فرض ضرائب على دخل الأفراد. وتصل التكلفة الضريبية الفعلية على الشركات إلى نحو 27.4 بالمائة من إجمالي الأرباح، وهي نسبة منافسة مقارنة بدول صناعية تفرض ضرائب تتراوح بين 20 و30 بالمائة.
ورغم المنافسة بين دول مجلس التعاون، تحافظ سلطنة عُمان على موقع قوي بفضل سرعة الامتثال والعبء الضريبي المعتدل، إلى جانب الاستقرار التشريعي الذي يمكّن المستثمرين من التخطيط طويل المدى بثقة.
كما توفر السلطنة حوافز مهمة، أبرزها الإعفاءات الضريبية في المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، حيث تصل الإعفاءات إلى 10 سنوات، إضافة إلى حوافز تصل إلى ضريبة شركات صفر بالمائة لمدة قد تمتد إلى 25 عامًا، مع السماح بملكية أجنبية كاملة، ما يعزز العائد الاستثماري.

وأوضح الدكتور خليفة بن سيف الهنائي، مؤسس مكتب خليفة الهنائي للمحاماة والاستشارات القانونية، أن الأنظمة الضريبية تحتاج بطبيعتها إلى تطوير مستمر، مؤكدًا أن التطبيق الجيد للضريبة يحقق فوائد مباشرة للدولة، مع ضرورة مراعاة التسهيلات المستقبلية عند النظر في ضريبة الدخل على الأفراد. وشدد على أن المستثمر الواعي يدرك أن الضرائب جزء أساسي من بيئة الأعمال، وأن الجهود الحكومية لتسهيل الإجراءات تمهّد لمزيد من الاستثمارات.

من جانبه، أكد عبد اللطيف محي الدين خونجي، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان، أن النظام الضريبي في السلطنة أصبح من أكثر الأنظمة استقرارًا ووضوحًا للمستثمرين في دول المجلس، بفضل معدل ضريبة الشركات التنافسي وغياب ضريبة الدخل على الأفراد، إلى جانب توقيع أكثر من 40 اتفاقية لتجنب الازدواج الضريبي، وتطبيق القيمة المضافة بأسلوب مبسط.
وأشار خونجي إلى أن القطاع الصحي من القطاعات المستفيدة من الإطار الضريبي الحالي، مع وجود فرصة لتحسين بعض الإجراءات، مثل آلية خصم المطالبات التأمينية غير المسوّاة، بما يعكس واقع العمل دون الإضرار بالعلاقات مع شركات التأمين.
وتواصل السلطنة تعزيز شفافيتها الضريبية بالتعاون مع مؤسسات دولية كالبنك الدولي، وحققت نتائج مميزة في مؤشر سهولة دفع الضرائب، ما يعكس كفاءة الإجراءات وسرعة السداد دون تعقيدات.
وتعكس الصورة العامة نظامًا ضريبيًّا متطورًا وشفافًا يوازن بين تنمية الإيرادات وتسهيل ممارسة الأعمال، ويؤكد مكانة سلطنة عُمان كوجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية في بيئة تنافسية عالميًّا.





