مؤشّرات إيجابية تعزّز آفاق تنوّع الثروات المعدنية في سلطنة عُمان

مسقط في 13 ديسمبر 2025 /العُمانية/يبرز قطاع التعدين في سلطنة عُمان كأحد القطاعات الواعدة، مدعومًا بخارطة طريق واضحة تسهم في تكثيف أعمال الاستكشاف وتوفير بيانات موثوقة حول الخامات المعدنية المنتشرة في مختلف محافظات السلطنة.
وأظهرت المسوحات الجوية والجيوكيميائية التي نفذتها شركة تنمية معادن عُمان خلال الفترة الماضية مؤشرات جيولوجية لوجود عدد من الخامات الاستراتيجية، من بينها الذهب والنحاس والزنك والرصاص والكروم، ما يعكس توفر بيئات جيولوجية خصبة تتطلب استكمال الدراسات التفصيلية للتحقق من حجم هذه الموارد ونوعيتها.

وأكد المهندس مطر بن سالم البادي، الرئيس التنفيذي لشركة تنمية معادن عُمان، أن النتائج الحالية تشير إلى فرص استكشافية واعدة، موضحًا أن المرحلة الراهنة تندرج ضمن نطاق الدراسات الفنية، وأن إثبات وجود كميات تجارية لأي خام، بما في ذلك الذهب، يستلزم استكمال مراحل الاستكشاف التفصيلي وفق المعايير الدولية المعتمدة.

وأشار إلى أن الاستكشاف المستمر يمثل ركيزة أساسية لضمان استدامة المشروعات التعدينية وإطالة العمر التشغيلي للمصانع القائمة، بما ينعكس إيجابًا على القيمة الاقتصادية للقطاع. وبيّن أن الإعلان عن حجم المخزون لا يتم إلا بعد استيفاء معايير دولية معترف بها مثل المعيار الأسترالي أو الكندي، المعتمدين لدى البنوك والمستثمرين، مؤكدًا أن الوقت ما يزال مبكرًا للإفصاح عن كميات دقيقة قبل اكتمال هذه الدراسات.
وأوضح أن قطاع التعدين شهد خلال الفترة من 2017 إلى 2023 تطورًا تنظيميًّا ملحوظًا، تم خلاله اعتماد نموذج استثماري جديد شبيه بقطاع النفط، يقوم على تخصيص مناطق امتياز تعدينية واسعة، بما يجعل المسوحات الجيوفيزيائية الجوية لمساحات كبيرة أكثر جدوى اقتصادية مقارنة بالنهج السابق.

وأضاف أن شركة تنمية معادن عُمان، بصفتها الذراع الاستثماري والتطويري للقطاع، تعمل كشركة قابضة وتمتلك 14 منطقة امتياز بمساحة إجمالية تقارب 24 ألف كيلومتر مربع. وقد بدأت الشركة أعمال الاستكشاف المكثفة في عام 2022، ونفذت قبل إقرار استراتيجيتها الجديدة الشهر الماضي مسوحات واسعة شملت مسحًا جويًّا لأكثر من 16 ألف كيلومتر مربع، وحفرًا استكشافيًّا تجاوز 100 ألف متر، إلى جانب تحليل أكثر من 80 ألف عينة ضمن المسح الجيوكيميائي، والاستفادة من تقنيات الأقمار الصناعية لتحديد المواقع الواعدة.
وأشار إلى أن استراتيجية الشركة تركز على خفض المخاطر الاستثمارية من خلال توفير بيانات جيولوجية دقيقة لجذب المستثمرين، وتطوير منظومة تعدين مسؤولة تشمل خامات المعادن الفلزية والنفيسة ومعادن الأرض النادرة، إلى جانب تعزيز الشراكات الدولية.
وبيّن أن التركيز ينصب على المعادن الفلزية والنفيسة مثل الذهب والنحاس والزنك والرصاص والكروم، فيما تتجه الشركة في مجال المعادن الصناعية إلى المشروعات الكبرى ذات الجدوى الاقتصادية، وفي مقدمتها مشروع المعادن الصناعية في نيابة الشويمية، المدعوم برصيف بحري متخصص للتصدير، بطاقة إنتاجية تبلغ 23 مليون طن في مرحلته الأولى، ترتفع مستقبلًا إلى 40 مليون طن من الحجر الجيري والجبس.
وأكد أن تقبّل المجتمع المحلي يعد عنصرًا أساسيًّا لنجاح مشروعات التعدين واستدامتها، مشيرًا إلى استثمار الشركة بشكل مكثف في مشروع ينقل لتطبيق أفضل الممارسات البيئية، ومنها استخدام تقنية المعالجة الجافة للمخلفات التعدينية حفاظًا على المياه الجوفية والبيئة المحيطة.
وأوضح أن الشركة تسعى إلى بناء قطاع خدمات تعدين مساند قوي، وبدأت فعليًّا بطرح مناقصات لتوطين المختبرات التعدينية المتخصصة، وتطوير شركات الحفر والمسح، بما يحقق منظومة متكاملة ومستقلة محليًّا، ويعزز حضور الشركات الوطنية في أسواق دول مجلس التعاون.
وأشار إلى أن استراتيجية الشركة تنقسم إلى ثلاث مسارات فرعية، أولها المعادن الصناعية عبر إنشاء مجمعات صناعية متخصصة مثل مركز الدقم الصناعي للصناعات القائمة على الملح والسيليكا، ومركز شليم الصناعي للصناعات المرتبطة بالحجر الجيري والجبس. أما المسار الثاني فيركز على خام الكروم الممتد عبر سلسلة الجبال من شناص إلى وادي بني خالد، بهدف إعادة سلطنة عُمان إلى خارطة مصدري الكروم عالميًّا، وإنشاء صناعات تحويلية مثل إنتاج “الفيروكروم” في صحار. فيما يتمثل المسار الثالث في الاستكشاف الممنهج، من خلال تقسيم مناطق الاستكشاف إلى أحزمة جيولوجية رئيسة تشمل حزام سمائل، وحزام الحواسنة، ومنطقة محوت جنوبًا.
وأوضح أن تأسيس ذراع متخصصة لتجارة المعادن عبر “الشركة العُمانية لتجارة المعادن”، المقرر أن تتولى بيع وتجارة خامات الجبس والكروم اعتبارًا من يونيو 2026م، يأتي لتعظيم العائد الاقتصادي وتوسيع الحصة السوقية لسلطنة عُمان عالميًّا.
وحول مستويات قطاع التعدين، أشار إلى أن النطاق العلوي يشمل الاستكشاف وتطوير المناجم وتتولاه الشركة لتقليل المخاطر، بينما يضم النطاق الوسطي الصناعات الأساسية كالمصاهر والمصافي بالشراكة مع المستثمرين، في حين يختص النطاق السفلي بالصناعات التحويلية المعتمدة على القطاع الخاص.
وفيما يتعلق بالمعادن النادرة، أوضح أن عمليات البحث ما تزال في مراحلها الأولى، مع وجود مؤشرات مبدئية، مؤكدًا أن حجم الاستثمارات في أعمال الاستكشاف والتنقيب تجاوز 20 مليون ريال عُماني خلال العامين الماضيين. وأضاف أن مساهمة قطاع التعدين في الاقتصاد الوطني ما تزال محدودة مقارنة بالنفط والغاز، إلا أن الخطط تستهدف رفعها تدريجيًّا لتصل إلى نحو 10 بالمائة بحلول عام 2040.

وأشار إلى أن من أبرز المشروعات الاستراتيجية الجاري تنفيذها مشروع النحاس في ينقل، الذي يُعد أول مشروع لإنتاج النحاس في الولاية، ومن المتوقع أن يبدأ التشغيل التجريبي له بنهاية عام 2026، باحتياطات تُقدّر بنحو 22.9 مليون طن من خام النحاس، إلى جانب تطوير منجمين آخرين في صحار.





