97.4 بالمائة نفاذ السلع العُمانية إلى السوق الهندي بموجب اتفاقية «سيبا»

مسقط في 20 ديسمبر 2025 /العُمانية/أكدت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (سيبا) بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند تعكس متانة العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين الصديقين، وتُرسّخ الشراكة التاريخية الممتدة بينهما، مشيرةً إلى أن الاتفاقية تمثل محطة جديدة لتعزيز التبادل التجاري، وتيسير نفاذ السلع والخدمات، وجذب الاستثمارات النوعية، وتوسيع التعاون في القطاعات ذات الأولوية لدى الجانبين.

وأوضحت الوزارة أن توقيع الاتفاقية يأتي في سياق التطور المتواصل للعلاقات الثنائية، ومتابعة تنفيذ مخرجات الزيارة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – إلى جمهورية الهند، والتي أسهمت في إرساء دعائم قوية لتوسيع التعاون الاقتصادي وفتح آفاق جديدة للشراكات التجارية والاستثمارية.

وبيّنت أن سلطنة عُمان باشرت عقب الزيارة إعادة تفعيل مسار التفاوض وفق منهجية تكاملية شاملة، تضمنت تقييمًا اقتصاديًا وقانونيًا وفنيًا متكاملًا، بهدف ضمان تحقيق أعلى مستويات الاستفادة من الاتفاقية.

وأكدت الوزارة أن المفاوضات استندت إلى دراسات متخصصة، من بينها دراسة اقتصادية أعدّتها شركة «ديلويت آند توش» بتكليف من الوزارة، تناولت الآثار المتوقعة لتحرير الرسوم الجمركية ونمو الصادرات وتوسع الاستثمارات، وأثبتت جدوى الاتفاقية وقدرتها على تعظيم القيمة المضافة للاقتصاد الوطني وتعزيز تنافسية الصادرات العُمانية في الأسواق الخارجية.

وأشارت إلى أن المفاوضات مرّت بخمس جولات رئيسة خلال الفترة من 2023م إلى 2025م، شملت مناقشة الأطر العامة والفصول القانونية والتنظيمية، والمراجعات الفنية لقواعد المنشأ، والتدابير الصحية والفنية، وتيسير التجارة، والتجارة في السلع والخدمات، والمعالجات التجارية، إلى جانب فصول التعاون والملكية الفكرية وتسوية المنازعات، وأسفرت عن التوصل إلى صيغة نهائية متوازنة تراعي مصالح الطرفين وتحافظ على التزامات سلطنة عُمان الخليجية والدولية.

وذكرت الوزارة أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند بلغ نحو 7 مليارات دولار أمريكي في عام 2024م، ما يجعل الهند من أبرز الشركاء التجاريين للسلطنة، خاصة في الصادرات غير النفطية التي تشمل منتجات البولي إيثيلين، واليوريا، والجبس، والإيثيلين، وعددًا من المنتجات الصناعية المرتبطة بقطاعي البتروكيماويات والمعادن، متوقعةً أن تشهد هذه الصادرات نموًا أكبر في ظل النفاذ التفضيلي الذي توفره الاتفاقية.

وأوضحت الوزارة أن سلطنة عُمان حصلت بموجب الاتفاقية على معدل متقدم من تحرير التجارة بلغ 97.4 بالمائة من إجمالي السلع العُمانية وفق حجم الصادرات القائمة، فيما بلغ إجمالي النفاذ إلى الأسواق الهندية نحو 77.8 بالمائة، مع تحرير خاص لعدد من السلع ذات الأهمية الاستراتيجية للصناعات الوطنية. وفي المقابل، منحت سلطنة عُمان الجانب الهندي تحريرًا جمركيًا تدريجيًا وفق جداول زمنية واضحة، وصولًا إلى مستوى 99.22 بالمائة، بما يتماشى مع الأهداف الاقتصادية الوطنية وسياسات حماية الصناعات المحلية.

وأفادت الوزارة بأن الاتفاقية تضم 16 فصلًا رئيسًا وعددًا من الملاحق الفنية، شملت تنظيم التجارة في السلع، والمعاملة الوطنية، وإلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية، وإجراءات الاستيراد والتصدير، وقواعد المنشأ، والمعالجات التجارية، والتدابير الصحية والفنية، وتيسير التجارة، إضافة إلى فصول الملكية الفكرية، وحركة الأشخاص الطبيعيين، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتعاون الاقتصادي والتقني، إلى جانب فصل خاص بالتجارة في الخدمات ينظم النفاذ إلى الأسواق والمعاملة التفضيلية ومتطلبات الشفافية.

وأكدت الوزارة أن الاتفاقية أولت اهتمامًا خاصًا بحماية الصناعات الوطنية، من خلال تضمين أحكام تتعلق بتدابير مكافحة الإغراق، والتدابير التعويضية والوقائية، وآليات حماية ميزان المدفوعات، مع التأكيد على استمرار تطبيق الأنظمة الوطنية الخاصة بالتعمين، بما في ذلك القوائم السلبية والمهن المحصورة على العُمانيين.

وفيما يتعلق بالاستثمارات المتبادلة، أوضحت الوزارة أن جمهورية الهند تُعد من بين أكبر عشر دول مستثمرة في سلطنة عُمان، بإجمالي استثمارات أجنبية مباشرة بلغ نحو 286 مليون ريال عُماني في الربع الأول من عام 2025م، شملت قطاعات الحديد والصلب، والأسمدة، والطاقة النظيفة، والرعاية الصحية، والصناعات البتروكيماوية، بما يعزز سلاسل القيمة الصناعية ويوفر فرص عمل.

وأضافت أن الاتفاقية يُتوقع أن تسهم في تعزيز الأمن الغذائي والدوائي، ودعم التعاون في مجالات الزراعة والصحة والتقنيات الحيوية، إلى جانب التجارة الرقمية، والخدمات اللوجستية، والصناعات التعدينية، والابتكار، والفضاء، والسياحة، بما يتوافق مع مستهدفات رؤية «عُمان 2040».

وأشارت الوزارة إلى المشاركة الفاعلة للقطاع الخاص العُماني في مختلف مراحل التفاوض، من خلال إسهامات عدد من الشركات الصناعية الكبرى، الأمر الذي أسهم في صياغة موقف تفاوضي يعكس واقع السوق والفرص المتاحة للشركات الوطنية في السوق الهندي.

وأكدت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار أن الاتفاقية لا تتعارض مع الالتزامات الخليجية الموحدة، ولا تؤثر على انسيابية التجارة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، موضحةً أن فصل المشتريات الحكومية جرى استثناؤه حفاظًا على السيادة التشريعية الوطنية، وأن المراجعات القانونية أكدت توافق الاتفاقية مع النظام الأساسي للدولة والقوانين والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

وتشير التقديرات الاقتصادية إلى أن تحرير الرسوم الجمركية سيسهم في رفع تنافسية السلع العُمانية في السوق الهندي، الذي كان يتميز بمتوسط رسوم جمركية يقارب 17 بالمائة قبل الاتفاقية، ومع دخولها حيّز التنفيذ ستتاح أمام الشركات الوطنية سوق تتجاوز قيمته 17 تريليون دولار أمريكي، وقاعدة استهلاكية يزيد عددها على 400 مليون نسمة، بما يعزز فرص النمو الصناعي وزيادة الطاقة الإنتاجية.

كما سيسهم خفض الرسوم الجمركية على المواد الأولية المستوردة من الهند في تقليل تكاليف الإنتاج داخل سلطنة عُمان، ودعم سلاسل الإمداد للصناعات التحويلية، وتعزيز دور السلطنة كمركز تجاري ولوجستي يربط بين دول الخليج والشرق الأوسط والشرق الأقصى.

وأكدت الوزارة أنه سيتم تشكيل فريق وطني للتدخل السريع لمتابعة تنفيذ الاتفاقية ومعالجة أي تحديات قد تواجه القطاعات أو الشركات المتأثرة، مشيرةً إلى العمل على استكمال الإجراءات التشريعية والقانونية اللازمة للتصديق على الاتفاقية تمهيدًا لدخولها حيّز التنفيذ، بما يعزز مكانة سلطنة عُمان في منظومة التجارة الدولية ويدعم بناء اقتصاد متنوع قائم على القيمة المضافة والتنافسية والاستثمار المستدام.

زر الذهاب إلى الأعلى