أوراق الخريف : سلطان الإصلاح والرؤى النيرة

د. أحمد بن سالم باتميرا

تحلُّ غدًا الخميس الذكرى الرابعة لتولِّي جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم مقاليد الحُكم في سلطنة عُمان، في وقت تشهد فيه البلاد تطورًا ونُموًّا في عدَّة مجالات، وتتطلع لإنجازات أكثر وأكثر خلال السنوات القادمة. فمشروع التجديد الَّذي يتولَّاه جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ في سلطنة عُمان يمضي قُدمًا في عدَّة اتجاهات ومسارات مختلفة محققًا نتائج مُهمَّة وممتازة على المستويين المالي والاجتماعي، وهذا المشروع عَلَيْنا أن نلتفَّ حَوْلَه جميعًا مواطنين، وكذلك السُّلطات الثلاث القضائيَّة والتشريعيَّة والتنفيذيَّة، وتعزيز المشاركة المُجتمعيَّة فيه. فالشَّعب العُماني يجني ثمار هذا التجديد وهذه الإصلاحات رويدًا رويدًا، ويقف مع خطَّة التعافي الَّتي تتضمن حزمة إصلاحات ماليَّة واقتصاديَّة واجتماعيَّة ومشاريع حيويَّة. ومن المشاريع الواعدة مدينة السُّلطان هيثم الَّتي تُعدُّ من المُدُن النموذجيَّة والحديثة في نمطها وتصميمها حيث ستزهر الأحلام برؤية مدينة عالَميَّة بمواصفات عالية، وها نحن اليوم نفتخر بتدشين المرحلة الأولى للإنشاءات في هذه المدينة مع هذه الذكرى العطرة. ومن خلال النظرة والتوجيهات السَّامية، فإنَّ سياسة سلطنة عُمان الخارجيَّة ظلَّت على مبادئها الواضحة والواقعيَّة مع مد جسور التواصل مع العالَم الخارجي، ونسج علاقات متوافقة مع كُلِّ دوَل العالَم دُونَ التدخل في شؤون الآخرين. لذا يعَد الحادي عشر من يناير 2020م يومًا تاريخيًّا لبلد تاريخي وعريق وشَعب له صولات وجولات، ويتطلع للسَّير قُدمًا للأمام وفق فكر قائد الرؤية العُمانيَّة المتجدِّدة، كما يتطلع للنهوض بهذا الوطن داخليًّا وخارجيًّا، وذلك من خلال إنجازات وإصلاحات ستكتب بحروف من نور في قادم الأيَّام والأعوام. ففي فترة زمنيَّة من حُكم جلالته تمَّ خفض الدَّيْن العامِّ للدَّولة وترشيد الإنفاق وتعزيز العلاقات الخارجيَّة، وإطلاق المظلَّة الاجتماعيَّة وغيرها، وهناك الكثير من القرارات والقوانين الَّتي تؤكِّدها لغة الأرقام والأداء المالي للدَّولة في السنوات الأربع الماضية. ومع ذلك نتطلع لتنفيذ استراتيجيَّات مستدامة وبرامج هادفة وإطلاق مشاريع تنمويَّة عملاقة مع الحفاظ على المكتسبات الوطنيَّة وتطويرها، والعمل على تعزيز الاستثمارات الداخليَّة وتنويع الدخل الوطني وتبسيط وتسهيل الإجراءات الحكوميَّة للمواطن والمستثمر والمقيم، ودعم المؤسَّسات الصغيرة والمتوسطة وتوفير المزيد من فرص العمل للباحثين عن عمل وتهيئة البيئة المناسبة لهم، وإعادة النظر في جدولة ديون المتقاعدين بشكلٍ عام، وأيضًا ممن تقاعدوا قبل بلوغ 60 عامًا من الخدمة والَّذين صبروا عشر سنوات وأكثر دُونَ ترقيات. فالمرحلة القادمة تتطلب من الحكومة الإسراع في تطوير الخدمات بشكلٍ عام، وتخفيض الاستهلاك المائي والكهربائي وتنمية المحافظات، واستكمال بناء الدَّولة الحديثة وتسريع وتيرة المشاريع العملاقة، فالدورة الاقتصاديَّة تحتاج لحراك مستمر ومستدام. كما نتطلع لإعادة هيكلة بعض الوزارات وضخ وتجديد دماء جديدة، وتحسين الأداء وزيادة الإنتاج، وخفض الإنفاق، والقضاء على البيروقراطيَّة وتطبيق الحوكمة وتمكين الشباب والكفاءات لتولِّي مناصب قياديَّة والمشاركة في صنع القرار، والنهوض بالتعليم بصورة تجعل من التعليم فكرًا وصناعة وإبداعًا بمختلف أنواعه ومستوياته وتوفير البيئة الداعمة والمحفِّزة للبحث العلمي والابتكار، ومواجهة التحدِّيات بحكمة، وإيجاد بيئة جاذبة لسُوق العمل والتشغيل تتيح للقِطاع الخاصِّ أخذ زمام المبادرة لقيادة اقتصاد وطني ناجح، وهذا يتطلب دعمه والوقوف معه وطرح مشاريع تجعله يستطيع الوفاء بالتزاماته والوقوف على رِجليه. نحن أمام تحوُّلات جذريَّة، وفكر جديد، ورؤية واضحة المعالم ستغيِّر شكل الحياة على أرض سلطنة عُمان، خلال السنوات القادمة لتبدو في شكل آمن ماليًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا على الرغم من التحدِّيات الَّتي تفرضها المتغيِّرات العالَميَّة والأزمات الجيوسياسيَّة العالَميَّة أحيانًا. وجلالة سُلطان البلاد المُفدَّى يقود مشروع التجديد والتطوير باقتدار من خلال الحرص على تحقيق التوازن بَيْنَ متطلبات المرحلة الراهنة وقراءة واستشراف المستقبل، واستقطاب المزيد من رؤوس الأموال والاستثمارات. وخلال ثلاثة أعوام يمكننا القول بأنَّ بلادنا خرجت من بعض التحدِّيات بأقلّ الأضرار وحققت مؤشِّرات إيجابيَّة، ووضعت الحكومة خريطة أسهمت في مواءمة المستهدفات الاستراتيجيَّة، وترتيب الأولويَّات وفق ميزانيَّة مخصَّصة حسب الأولويَّة، وبَيْنَ التفاؤل والتشاؤم نتطلع لإيجاد علاجات سريعة لإنعاش الاقتصاد، وإيجاد حلول للباحثين عن عمل والَّتي تشكِّل أعمدة الأمن والاستقرار لأيِّ بلد .. والله من وراء القصد.

د. أحمد بن سالم باتميرا

batamira@hotmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى