أوراق الخريف.. مباراة كلاسيكو السياسة تعيد الفيل وترامب للواجهة
د. احمد بن سالم باتميرا
مباراة كلاسيكو الأرض لكرة القدم ينتظرها الشعوب كل سنة بين فريقي ريال مدريد وبرشلونة، حيث تحظى هذه المباراة بالكثير من الأهمية والأضواء، ليس محليا فقط بل عالميا أيضا، كونها تجمع افضل فريقين يقدمان المتعة الكروية بفضل مهارات وأداء النجوم الذين يضمهم الغريمان ، والانتخابات الأمريكية كذلك تقام كل أربع سنوات وليس كل سنة ، ولكن يتابعها وينتظرها الملايين من الشعوب من مختلف الدول لمعرفة من هو الحزب الفائز او الرئيس الذي سيتربع على كرسي الرئاسة الأمريكية لمدة اربع سنوات.فكلاسيكو الارض ، حديث العالم ، وكذلك تُعد الانتخابات الأمريكية من أبرز الفعاليات السياسية التي تثير اهتمام العالم من الشرق الى الغرب ، لما لها من انعكاس ليس فقط على مواطني الولايات المتحدة من كافة النواحي ، بل أيضا تاثيرها على الخارج في العديد من المجالات.فهذا المشهد يتكرر وله متابعوه رياضيا في اسبانيا والعالم ، والآخر سياسيا في امريكا وكافة القارات الخمس، وكما أن هناك طقوسا وحملات ودعاية لكلاسيكو الارض العالمي ، فالمجتمع الأمريكي له طقوسَ في المشهد الانتخابي من خلال مهرجانات الخطابة والمناظرات الثنائية بين المتنافسين ، والحملات الاعلامية التي تكلف كل حزب ملايين الدولارات ، مما يجعل المال أحد العناصر الحاسمة فيها ، وهي طقوس أكثر إثارة ومتعة مثل كلاسيكو الارض.!الا ان كلاسيكو الارض السياسي ، يلقى بظلاله الكثيفة على الحياة السياسية والاقتصادية في مختلف دول العالم ويكون له تأثير عميق على الاحداث في المنطقة بشكل خاص والعالم بشكل عام من خلال الملفات الخارجية التي أصبح للولايات الامريكية اليد الطولى فيها نتيجة انشغال روسيا بحرب اوكرانيا، يضاف إلى هذا السياق الصراع الصامت بين واشنطن وبكين في المجال التجاري والاقتصادي وغيرها من الامور الجيوسياسية.وبالأمس الثلاثاء الخامس من نوفمبر ، انتهت الانتخابات بين المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس التي سعت لتكون اول امراة تتولى الرئاسة في الولايات المتحدة الامريكية ، ولكن دونالد ترامب وبالضربة القاضية ، عاد للبيت الابيض الامريكي محقق نصرا تاريخيا وفوزا كاسحا سياسيا وديمقراطيا ، وقال الشعب الامريكي كلمته ، ضد سياسة الحزب اليمقراطي ورئيسه بايدن ونائبته هاريس.ورغم التنافس بشراسة بين ترامب وهاريس على أصوات الناخبين في الايام الماضية ، الا أن النتائج مالت للشخص الأكثر واقعية في اطروحاته وتصريحاته وصراحته ، وبعد ان غير استراتيجية في التعامل مع الاعلام والناخبين قبل اليوم الانتخابي المصيري ، والذي جاءت نتائجها مفاجاة لكثير من المحللين الذي كانوا يميلون لكفة هاريس.وبعد معرفة الفائز بالانتخابات الامريكية ، فاننا نتطلع ان يعم السلام في الشرق الأوسط وفي العالم وأن تكون هناك صياغة جديدة للمستقبل وللامم المتحدة وأن ينعم العالم بالامن والرخاء ، وان ينفذ الرئيس العائد للبيت الابيض بقوة هذه المرة وعوده الانتخابية.!وقد لعبت الأزمة الاقتصادية دورا كبيرا في نتائج الانتخابات هذا العام ، وكذلك الحرب في فلسطين ولبنان ، لذا نحن مع تغييرات قادمة وعالم جديد مختلف عن فترة بايدن ، فاوروبا نجدها منشغلة بامورها الداخلية ، والصين والروس ومجموعة “بريكس” مشغولة بإعادة تشكيل نظام عالمي جديد بعيدا عن الدولار والحروب ، مع تقدم وشيخوخة النظام القديم ودخوله في دائرة الاحتضار نتيجة سياسية بايدن ودعمه القوى لنتياهو واسرائيل، فغزة عرت النظام الاممي والحزب الديمقراطي.لذا جاءت انتخابات الخامس من نوفمبر بنتائج مألوفة لدى جموع الناخبين، وليس بمفاجأت كما توقعها الاخرون ، وشهر يناير القادم يتم تنصيب الرئيس دونالد ترامب كرقم 50 للولايات المتحدة الامريكية ، مع أن الامر لا يتعلق بمقام الرئاسة فحسب، بل يمتد لفوزه الكاسح كحزب جمهوري (الفيل) بالاكثرية والسيطرة ايضا على مجلسا الكونغرس (الشيوخ والنواب).أهميّة الانتخابات الامريكية واختيار الرئيس ومتابعتها تاتي لأنها الشرطي الدولي بامتياز حاليا ، وصاحبة القرار في كل المواجهات والتحديات في العالم ، وكل القرارات التي ستصدر الرئيس الجديد ترامب الرئيس سيصبح رئيسا مطلقا في قراراته وحكومته القادمة ستكون حديث الساعة عربيا ودوليا ، لذا من المتوقع والمهم رؤية امريكا تتعامل مع الآخرين بنزاهة وحكمة وان يعم العالم الأمن والاستقرار. قبل ان تتحول الكرة الارضية لصراعات دموية وحروب اقتصادية .. فكلاسيكو الكرة تسوده الروح الرياضية رغم الضربة القوية من برشلونه ضد الريال ، وكلاسيكو السياسة اعادت ترامب وبقوة للواجهة كأول رئيس امريكي يحقق هذا الانتصار الكاسح في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية ، والعالم ينتظر منه الكثير من الوضوح في العديد من الملفات الهامة التي تحتاج لرؤية مختلفة عن سياسة الحزب الديمقراطي (الحمار) خاصة تنفيذ الوعود الانتخابية في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم خاصة وقف الحرب في غزة ولبنان بناء وهذا ما اكدته نتائج القمة العربية الإسلامية في الرياض .. والله من وراء القصد.
د. احمد بن سالم باتميرا
كاتب ومحلل سياسي عماني