أوراق الخريف.. ترامب.. جنون العظمة وحقبة غامضة..!

د. أحمد بن سالم باتميرا
في تصريحات غير مسؤولة ، ومناهضة للعدالة وحقوق الإنسان والأعراف والقرارات الدولية ، خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ليلة مظلمة مع نتانياهو ليعلن تصفية القضية الفلسطينية وتهجير شعب غزة وحرمانه من العيش في أرضه في موقف أمريكي خارج عن سياق العقل والحكمة والقرارات الدولية.!
بالتأكيد مشروع ترامب ، أثار الرأي العام العربي والعالمي ، كما كان له تبعات وآثار داخلية أمريكية ، وخرجت أصوات تطالب بعزل الرئيس ، وإقالة حكومته ، واليوم نرى معارضين داخل الإدارة الأمريكية والكونجرس وحتى الأصدقاء والحلفاء.
فرياح التغيير هبت ، بدءا من الرياح وحرائق لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا وهناك حرائق سياسية واقتصادية في الطريق ستوثر على الاقتصاد الأمريكي الذي سيواجه انتكاسه اذا استمرت الادارة الأمريكية في خططها ومواجهة الدول بقرارات ضريبية وتحديات غريبة ، فالرد سيكون بالمثل ، سياسيا واقتصاديا وكذلك عسكريا إن تتطلب الأمر يوما ما ، او وقف هذه القرارات او تعديل المشروع من التهجير إلى التعمير والاعتراف بالدولة الفلسطينية.
فما زالت قنبلة ترامب تتفاعل عربيا وعالميا ، والتنسيق لمواجهتها اصبح امرا ضروريا ، لذا جاء الرد العربي قويا من خلال بيانات حازمة وواضحة وصريحة وهو الالتزام بمواقفها الثابتة من القضية الفلسطينية مما ينسف أي تفكير بإجهاض مشروع الدولة الفلسطينية ، أو يدعو إلى تهجير الفلسطينيين من ديارهم وأراضيهم.
وجاءت رسالة الأمير تركي الفيصل قوية ومعبرة ومؤثرة ، مرتديا الكوفية الفلسطينية في لقاء تلفزيوني مع قناة “سي أن أن” الامريكية ليخرس الأمريكان ، وليؤكد ثبات الموقف السعودي من القضية الفسطينية كصمود وصلابة جبل طوق ، وهي إشارة سعودية ايضا لكل المشككين في الموقف السعودي بشكل عام.
فالحقيقة أن ما أعلن عنه الرئيس الأمريكي ، إنما هو تطهير عرقي مكشوف ، ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية ، لذا تزامنت تصريحاته مع موقف مضاد عربي وعالمي تضمن رفض تهجير الفلسطينيين، وعدم التطبيع مع إسرائيل ، مهما كانت الاغراءات والتلميحات ، فالكل متفق ومتحد باذن الله لمواجهة الغطرسة الترامبية والصهيونية.
فحقا الحرب التجارية بدأت مبكرا ، بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين من جهة وبين أمريكا والمكسيك وكندا وجنوب افريقيا وغيرها من الدول ، والحرب السياسية مع ايران ولبنان وأوكرانيا ايضا ، والتقارب مع روسيا وكوريا الشمالية من جهة في الطريق. والكل ينظر لمصالحه أولا وأخيرا.
هي مسرحية الجنون كتبها ماسك وأصدقاؤه التجار ، لرسم خريطة الشرق الأوسط الجديد والعالم بطريقة تجارية واحتلال جديد بطريقة الأفلام الأمريكية “الكابوي” او مصارعة “دبليو دبليو إي” في الفوز بالضربة القاضية ، فالتعامل مع الأزمات العالمية ومع مصر والأردن والسعودية خلال المرحلة القادمة لن يكون كما يتخيل البيت الإبيض ورئيسه.!.
هذا المستوى من البلطجة وجنون العظمة ، هي بداية لانهياريات قادمة لا محاله ، فلن تنجح خططهم ، وسيقاوم أهل فلسطين هذه المخططات حتى يتحقق الانتصار، و”ريفييرا الشرق الأوسط” كما تحدث عنه ترامب ونتانياهو سيبقى فلسطينيا عربيا حرا.
فلن يتغير وجه الشرق الأوسط ، كما يدّعون ، بل ستتغير قواعد اللعبة دوليا ، وصفحات الكتاب الجديد بدأت تتجمع ، فلا “جرينلاند” ولا “بنما” ولا “كندا” ولا “غزة” ولا ولا كل ذلك سيتحقق ، الا اذا بقي العالم تحت عباءة الإملاءات الأمريكية ، وهذا مستحيل في رأييي خاصة بعد إلغاء ترامب قرارات وقوانين بانسحاب أمريكا من منظمة الصحة العالمية واتفاقية التجارة العالمية والمناخ والهيمنة على محكمة العدل الدولية وقضاتها ، فعن أي عدالة او حقوق إنسانية تتحدثون بعد اليوم.!
لذا الحل الأمثل للإدارة الأمريكية والرئيس دونالد ترامب ان يوطن اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية لكثرة مساحتها الجغرافية وامان لهم ويكونوا لهم حماه ايضا من الهجرات العكسية التي تاتي لهم من الدول المجاورة لهم وبذلك امن حدوده من الآخرين.
فالكرامةالعربية والإسلامية ، لاترضى ولن ترضى ، والداخل الامريكي بدأ في الغليان ايضا بعزل الرئيس وحكومته ، والعالم لن يرضخ او يرضى ان يكون ضحية الضغوط الأمريكية التعسفية ، مهما كانت النتائج وعلى الدول العربية والاسلامية دعم الموقف الروسي والصيني والتقرب منهما ، فالرسوم الجمركية على كندا والمكسيك والصين وغيرها من الدول والتي جاءت عكسية وقوية من الجانب الآخر وصفعة للجانب الأمريكي ، هي نفسها التي ننتظرها من القمة العربية الطارئة .. والله من وراء القصد. ،
د. احمد بن سالم باتميرا
كاتب ومحلل سياسي عماني
batamira@hotmail.com