الزراعة الذكية في سلطنة عُمان: مزيجٌ من الأصالة والتقنية الحديثة

مسقط في 3 أغسطس /العُمانية / في إطار جهودها لتعزيز الأمن الغذائي والحفاظ على الموارد الطبيعية، شرعت سلطنة عُمان في تبنّي مفاهيم وتقنيات الزراعة الذكية، بما يتماشى مع مستهدفات “رؤية عُمان 2040” الرامية إلى تحديث وتطوير القطاع الزراعي. وقد بدأت هذه التقنيات بالانتشار تدريجيًا، لا سيما في مشاريع بحثية ومبادرات استثمارية مدعومة من القطاع الخاص.

وأوضحت المهندسة بدرية بنت سيف الحوسنية، رئيسة قسم الزراعة الذكية بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، أن الوزارة تولي اهتمامًا خاصًا بالتحول الرقمي وتوظيف التكنولوجيا الحديثة لزيادة إنتاجية المحاصيل وخفض تكاليف الإنتاج، إلى جانب تمكين المزارعين بالأدوات الذكية التي تعزز من كفاءتهم الزراعية.

وتسعى الوزارة إلى تحقيق توازن بين الحفاظ على الموروث الزراعي العُماني، والانفتاح على التطورات التقنية، من خلال دمج الأساليب الحديثة في الأنظمة الزراعية التقليدية، مثل تطوير نظام الأفلاج التاريخي باستخدام تقنيات التحكم الذكية، والحفاظ على أصناف النباتات المحلية عبر بنوك الجينات.

وقد شهدت السنوات الأخيرة إدخال تقنيات متنوعة، من بينها الزراعة المائية (الهيدروبونيك)، والزراعة التكاملية (الأكوابونيك)، وأنظمة الري الذكي المدعومة بالحساسات، واستخدام الطائرات المسيّرة في مكافحة الآفات وتلقيح النخيل. كما تم اعتماد تقنيات تحليل البيانات المناخية لتحديد الاحتياجات المائية للمحاصيل، وتشجيع استخدام الطاقة الشمسية في تشغيل البيوت المحمية.

وتُنفذ الوزارة برامج تدريبية متخصصة تستهدف المزارعين، تتضمن تعليمهم تشغيل طائرات الدرون، وإدارة الزراعة من خلال التطبيقات الذكية، بالإضافة إلى تطبيق مشاريع تجريبية ميدانية تهدف إلى نقل المعرفة وتوسيع نطاق استخدامها.

وفي سبيل دعم هذه التوجهات، خصصت الحكومة موازنات سنوية للتحول الرقمي في القطاع الزراعي، وفعّلت شراكات مع القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع استراتيجية، مع توفير بيئة استثمارية محفزة.

وأشارت الحوسنية إلى أن تبنّي الزراعة الذكية يمثل أحد الركائز الأساسية لتحقيق الأمن الغذائي واستدامة الموارد، مؤكدة أن الوزارة تمضي قدمًا في دمج الحلول الرقمية في مشاريعها الزراعية، مع التركيز على رفع وعي المزارعين وتأهيلهم للتعامل مع هذه التقنيات.

وتبقى أبرز التحديات التي تواجه التوسع في الزراعة الذكية، تفاوت البنية الرقمية بين المحافظات، وارتفاع تكاليف التشغيل والصيانة، فضلاً عن الحاجة إلى رفع مستوى الوعي التقني لدى بعض المزارعين.

وتدعم الحكومة أصحاب الحيازات الصغيرة من خلال قروض ميسّرة يقدمها بنك التنمية العُماني، فيما تعمل الجمعيات الزراعية على توفير فرص استفادة جماعية من المعدات والتقنيات الحديثة.

بهذا التوجه، تواصل سلطنة عُمان خطواتها الثابتة نحو إرساء الزراعة الذكية كركيزة للتنمية الزراعية المستدامة، في تناغم دقيق بين الحفاظ على الهوية العُمانية والانفتاح على المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى