حق العودة: حق مقدس

بقلم د./ لولوه البورشيد

حق العودة للشعب الفلسطيني هو ركيزة أساسية من ركائز هويته الوطنية، وحلم لا يموت يتوارثه الأجيال، متجذر في ذاكرة النكبة ومآسي التهجير. إنه حق مقدس، لا يمكن التفريط به تحت أي شعار، حتى لو جاء مغلفًا بوعود السلام الزائفة التي تروج لها أمريكا وإسرائيل وبعض الدول العربية تحت مسمى “حل الدولتين”. هذا الحل، الذي يُقدم كأمر لا مفر منه، ليس سوى محاولة لتكريس الاحتلال وإضفاء الشرعية على سرقة الأرض، بينما يطالب الفلسطينيون بالتخلي عن حقوقهم التاريخية مقابل وهم التعايش على أرض محتلة شعار السلام الذي ترفعه أمريكا وإسرائيل، بدعم من بعض الدول العربية ومصر، يروج لحل الدولتين كحل وسط “واقعي” يجمع الفلسطينيين والإسرائيليين على أرض واحدة. لكن هذا الشعار، في جوهره، يهدف إلى تطبيع الاحتلال وإجبار الفلسطينيين على قبول دولة مبتورة، بلا سيادة حقيقية، بلا حدود واضحة، وبلا حق عودة لملايين اللاجئين. إنه ليس سلامًا عادلًا، بل استسلام مقنع يهدف إلى إنهاء القضية الفلسطينية وإلغاء حق العودة كحق غير قابل للتصرف.حل الدولتين، كما يطرح اليوم، أرض فلسطين المحتلة، المستوطنات المتوسعة، والحواجز التي تقطع أوصال الضفة الغربية، والحصار على غزة. هذا الحل لا يعالج جذور الصراع، بل يسعى إلى ترسيخ الظلم تحت شعارات براقة مثل “التعايش” و”السلام”. إن السلام الحقيقي لا يمكن أن يُبنى على أنقاض حقوق الشعب الفلسطيني، ولا على حساب ذاكرته وهويته.فى سياق هذا السلام الزائف، تأتي مطالبات أمريكا وإسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي بـ”إصلاح” الشعب الفلسطيني. هذه المطالبات ليست بريئة ولا تهدف إلى تحسين حياتهم، بل إلى محو الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني. إنهم يريدون شطب فلسطين من الكتب، وإزالة خرائطها من المناهج، ومحو قصائدها التي تحكي قصة النكبة والصمود. الهدف هو تدجين الأجيال الفلسطينية القادمة، لتقبل الاحتلال كقدر لا يرد، وتتخلى عن حق العودة كحلم “غير واقعي”.هذا التدخل السياسي السافر ليس نقاشا ، بل محاولة لاغتيال الوعي الوطني. إنه استكمال لما فشل الاحتلال في تحقيقه بالقوة العسكرية كسر إرادة الفلسطينيين. لذلك، فإن الرد على هذه المحاولات يجب أن يكون وطنيًا حاسمًا، لا يقبل التردد أو المجاملة.
حق العودة ليس مجرد مطلب سياسي، بل هو جوهر القضية الفلسطينية. إنه الحق في العودة إلى القرى والمدن التي هُجّر منها الفلسطينيون عام 1948، وإلى الأرض التي تحمل ذكرياتهم وتاريخهم. لا يمكن لأي شعار سلام، مهما كان براقًا، أن يلغي هذا الحق أو يجعله قابلًا للمساومة. حل الدولتين، كما يروج له اليوم، لا يعترف بحق العودة، بل يسعى إلى إنهاء القضية الفلسطينية بترتيبات سياسية تكرس الاحتلال وتنزع من الفلسطينيين حقهم في أرضهم.إن السلام العادل لا يمكن أن يتحقق إلا بحل يضمن حق العودة، ويعيد الحقوق المسلوبة، ويعترف بالنكبة وتبعاتها. أي حل يتجاهل هذه الحقوق ليس سوى خداع يهدف إلى إدامة الظلم. الفلسطينيون لن يقبلوا بسلام يُبنى على حساب هويتهم وذاكرتهم، ولن يتخلوا عن حلم العودة الذي يتجدد في كل جيل.
فلسطين حية في القلوب حق العودة هو حق مقدس، لا يمكن لشعارات السلام الزائفة أو حلول الدولتين المبتورة أن تمحوه. فلسطين ليست مجرد أرض، بل هي فكرة، ذاكرة، وهوية لا تنسى. على الشعب الفلسطيني، أن يواصلوا حماية هذه الذاكرة، وأن يزرعوا في عقول الأجيال حب الوطن والإيمان بحق العودة. مهما حاول الاحتلال وداعموه شطب الحكاية، ستبقى فلسطين حية في القلوب، تنتقل من جيل إلى جيل، حتى يتحقق العودة، وتعود راية الحرية لترفرف فوق أرض الزيتون .

زر الذهاب إلى الأعلى