أمِنْ شيءٍ

شعر : حمد الراشدي

أمِنْ شيءٍ تَزولُ به الشُّجونُ

سِوى جِيدٍ شَذاهُ الياسِمينُ

وخَدٍّ مِثْلِ وَجْهِ الشَّمْسِ صافٍ

مَتى يُشْرِقْ تَقِرُّ بِهِ العُيونُ

وعَيْنٍ كالنُّجومِ تُضيءُ نورًا

تُسامِرُني وما انْسَدَلَتُ جُفونُ

وذاتِ لَمَىٰ كنافِجَةٍ بِثَغْرٍ (١)

ويافِعَةٍ بلا طَرَفٍ يَخونُ

وفارعَةٍ على ليْلٍ أثيثٍ

أظَلَّ الفَوْدَ يَغْبطُهُ الجَبينُ (٢)

ونابسةٍ كتغْريد الليالي

إذا طَرِبتْ ولَمْ تهْجَعْ غُصونُ

يُداعِبُنا الخَيالُ إذا اسْتَبَتْهُ

أمانينا وكانَ لها رَنينُ

وكمْ وَصْفٍ لِحُلْوِ الحُلْمِ بِتْنا

نُقَلِّبُهُ ، وما فَتَرَتْ يَمينُ

هُناك الحُبُّ قد ألْقى عُهودًا

لَهُ حُكْمٌ وقَدْ حُلِفَتْ يَمينُ

أمانَتُنا تُراسِلُنا بِشَوْقٍ

وما فَرِغَتْ يُغالِبُها حَنينُ

تَرَكناها على الشّاطي تُناجِي

لنا عَوْدًا ، وقد بَعُدَ السّفينُ

أُتينا العَهْدَ تَشريفًا وفضْلًا

وقد صَدّتْ لِمَطْلَبِهِ الحُزونُ (٣)

حَمَلْناهُ صِغارًا إذْ فُطِرْنا

وعُقَّ إذا بِنا مَرَّتْ سُنُونُ

أيا صَحْبي ألا نَبْقى صِغارًا

ونحْفظُها الأمانةَ لا تَشينُ

أمِنْ كِبَرٍ يَغورُ لنا خَلاقٌ

أمِ الدُّنيا كما لَمَعَتْ نَكونُ ؟

أمِ الأطماعُ حَبْلُ السِّرِّ فينا

تُغَذِّينا وإنْ فَسدَ المَؤونُ

أمِ الأجْهالُ قد أعْمَتْ وسدَّتْ

بصَائرَنا فما فَلَقٌ يَبينُ

لقد قَصُرَتْ نُفوسٌ عنْ زَكاها

وما عَرَفتْ وذاكَ بها يَقينُ

يُرَكِّضُها السّرابُ بلا هَوادٍ

وقد هَزُلَتْ وليس بها سَمينُ

وكمْ هامتْ على أثَرٍ لذيذٍ

أُعِدَّ لها ، وكم ظَفرَ الكمينُ

فلا عَجَبٌ إذا دخَلَتْ مَراغًا

وغَبَّرَها ، فسائقُها الجُنُونُ

وأحْلامٌ بلا عَمَدٍ تَراها

يَطيرُ بزادِها ” المَلِكُ الحزينُ ” (٤)

أتَسْألُني أُريدُ بذا الأحاجي

أقولُ انْظُرْ ولِلْحَدَقاتِ دِينُ

سَتَلْقانا نَبيعُ بها المعاني

على بَخْسٍ إذا لُمِحتْ دُهُونُ

ونحْمِلُها النََزاهةَ مِثْلَ قَرْنٍ

ولِلْمالِ العُمومِ نَقولُ صُونوا

وإذْ صَعدَتْ مراتِبُنا لوَقْتٍ

تَخورُ بِنا النّزاهةُ والقُرونُ

وأشْخاصٍ ظَنَنْتَ الحِفْظَ فيهم

وذاكَ بمنْ إذا صَعدوا قَمينُ (٥)

ولكِنَّ السّلالِمَ مِنْ شِراكٍ

فَتُجْهدُنا ، وتَخْذِلُنا الذُهونُ

وما نَفَعَتْ علومٌ أوْ ذِمامٌ

فقد غَطّتْ على العِلْمِ الدُّخُونُ (٦)

وأعْمالٍ على التسْويفِ تَبْقىٰ ،

بخَتْمِ التَّمِّ حامِلهُ ضَنِينُ

أما صادَفْتَ مِنْ نَفَرٍ جِياعٍ

وإنْ غَرَفوا وإنْ مُلِئتْ بُطونُ ؟

لها الأعمالُ قد رَسموا حَديدًا

وفي الإيفاءِ كَمْ سَعَفٌ وطِينُ

وتُجّارٍ على اللّوْحاتِ إسْمٌ

وفي التّحْقيقِ هُمْ خَدَمٌ تَهونُ

إذا المَخْدومُ أخلاها بِدَيْنٍ

وخَلْفَ البَحْرِ تَأْويهِ حُصُونُ

ومَنْ نادى لِمَنْ نَصَبوا خِيامًا

لِبَيْعِ البَقْلِ أَنَّ البقْلَ تِينُ

وغَدّاءٍ إلى السُّمّاعِ يَنمي

ورَوَّاحٍ بما أنِفَ الأمينُ

وأفْرادٍ بأَذْقانٍ وسَبْحٍ

وفي القُدُواتِ هُمْ سِينٌ وشِينُ

ومَنْ حابىٰ وما صَدَقَتْ دُفُوعٌ

لِمَنْ حابىٰ وما كذَبتْ ظُنونُ

ومَنْ عَرَضَ البُحوثَ وقال إنّي

سَهرْتُ لها فَوافَتْني المُتُونُ

وقَدْ كانتْ مِنَ الشَّبَكاتِ لَمًّا

فضاعَ العِلْمُ حَتّى والفُنونُ

وألْقابٍ يُثارُ لها خِصامٌ

وكمْ ذُمَّتْ لِذي لَقَبٍ شؤونُ

وأحْياءٍ كَمنْ سَكنوا قُبورًا

فلا وصْلٌ يَتمُّ ولا يُعينُ

سِوى بَذَخِ الوَلائمِ لا الْتِقاءٌ

وهُمْ شَتّى إذا فَرِغَتْ صُحونُ

وأعْراسٍ وأتْراحٍ بِسَرْفٍ

وما رَشدَتْ وإنْ كَثُرَتْ دُيونُ

” ملأنا البَرَّ حتى ضاقَ مِنّا “

وفي الأسْفارِ زادَ بنا المُجونُ

فيا أرْضَ الإلٰهِ ألا سَماحًا

على العَثَراتِ سَبَّبَها فُتونُ

ويا نَجْمَ السّماءِ ألا فَسِتْرًا

على الزّلّاتِ نَحنُ لها ذُعُونُ

ويا نَفْسٌ ألا ارْتَعَوِي وإلاّ

مَصيرُكُ كالعُصاةِ إذا أُدينوا

زر الذهاب إلى الأعلى