الكعبة منذ آدم وشِيْث

إعداد: منصور جبر

روت كتب التاريخ أن الكعبة كانت غثاءة على الماء قبل أن يخلق الله السموات والأرض بأربعين سنة، وقيل بألفي سنة، ثم أنزلها الله خيمة من ياقوتة حمراء من الجنة يَطُوفُ بِهَا آدَمُ وَيَأْنَسُ إلَيْهَا.

قال السّهَيلي في الروض الأُنُف:
وَرُوِيَ فِي سَبَبِ بُنْيَانِ الْبَيْتِ خَبَرٌ آخَرُ وَلَيْسَ بِمُعَارِضِ لِمَا تَقَدّمَ وَذَلِكَ أَنّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمّا قَالَ لِمَلَائِكَتِهِ {إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا}، خَافُوا أَنْ يَكُونَ اللهُ عَاتِبًا عَلَيْهِمْ لِاعْتِرَاضِهِمْ فِي عِلْمِهِ فَطَافُوا بِالْعَرْشِ سَبْعًا، يَسْتَرْضُونَ رَبّهُمْ وَيَتَضَرّعُونَ إلَيْهِ، فَأَمَرَهُمْ سُبْحَانَهُ أَنْ يَبْنُوا الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ فِي السّمَاءِ السّابِعَةِ، وَأَنْ يَجْعَلُوا طَوَافَهُمْ بِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ أَهْوَنَ عَلَيْهِمْ مِنْ الطّوَافِ بِالْعَرْشِ، ثُمّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَبْنُوا فِي كُلّ سَمَاءٍ بَيْتًا، وَفِي كُلّ أَرْضٍ بَيْتًا، قَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَيْتًا، كُلّ بَيْتٍ مِنْهَا مَنَا صَاحِبَهُ أَيْ فِي مُقَابَلَتِهِ لَوْ سَقَطَتْ لَسَقَطَتْ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ.

قيل أن أول من بنى الكعبة هم الملائكة، بنوها مقابل البيت المعمور، لو وقع وقع عليها.
 
وذُكِر أن آدم والملائكة بنوا معًا الكعبة، وأن آدم استخدم في بناء الكعبة أحجارًا من جبال طور سيناء وحراء وثبير وغيرها، وكان آدم يصلي بالبيت.
 
ولما مات آدم عليه السلام، بنى البيت بعده ابنُهُ شيث.

قال السهيلي في الروض الأنف: إن أول من بنى البيت شيث عليه السلام.

وروى الأزرقي في أخبار مكة عن وهب بن منبه: أن بني آدم عليه السلام بنوا البيت بالطين والحجارة بعد موت أبيهم.
 
ولَمّا جَاءَ طوفان نوح عليه السلام رُفِعَتْ الكعبة، وَأُودِعَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ جبل أبي قُبَيْسٍ.

وَذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ أَنّ الْمَاءَ لَمْ يَعْلُهَا حِينَ الطّوفَانِ وَلَكِنّهُ قَامَ حَوْلَهَا، وَبَقِيَتْ فِي هَوَاءٍ إلَى السّمَاءِ.

وقال يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ: فَلَمّا نَضَبَ مَاءُ الطّوفَانِ كَانَ مَكَانَ الْبَيْتِ رَبْوَةٌ مِنْ مَدَرَةٍ، وَحَجّ إلَيْهِ هُودٌ وَصَالِحٌ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُمَا، وَهُوَ كَذَلِكَ.

ورى البيهقي في السنن: فَلَمَّا كَانَ مِنَ الأَرْضِ مَا كَانَ مِنَ الْغَرَقِ أَصَابَ الْبَيْتَ مَا أَصَابَ الأَرْضَ، وَكَانَ الْبَيْتُ رَبْوَةً حَمْرَاءَ.
 
وَيُذْكَرُ أَنّ يَعْرُبَ قَالَ لِهُودِ عَلَيْهِ السّلَامُ أَلَا نَبْنِيهِ؟ قَالَ إنّمَا يَبْنِيهِ نَبِيّ كَرِيمٌ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي يَتّخِذُهُ الرّحْمَنُ خَلِيلًا.
 
ثم بنى إبراهيم عليه السلام الكعبة على القواعد التي كانت آثارها موجودة فوق أَكَمَةٍ مرتفعة على ما حولها، بناها بالحجارة رَضْمًا من غير مونة تمسك الحجارة، وكان ابنه إسماعيل عليه السلام يعاونه في البناء، كان إبراهيم يبني كل يوم صفًا، وروي أنه لما بلغ موضع الحَجَر جاء له جبريل بالحجر الأسود.

كان شكل الكعبة في بناء إبراهيم عليه السلام مستطيلاً وارتفاعه 9 أذرع، جعل طول الضلع الشرقي 32 ذراعًا والغربي 31 ذراعًا والشمالي 22 ذراعا والجنوبي 20 ذراعًا، ولم يجعل لها سقفا.

وجعل لها فتحتي بابين ملاصقين للأرض بدون باب، وحفر بداخلها حفرة كخزانة لها.

وبنى في شَمال البيت عَرِيشًا منحنيًا وهو ما يعرف بالحِجر أو حِجر إسماعيل.

وبقيت الكعبة كذلك حتى أعادت قريش بناءها والله أعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى