انطلاق أعمال مؤتمر عُمان الوقفي الثاني لمناقشة دور الوقف في دعم التنويع الاقتصادي

مسقط في 9 ديسمبر 2025 /العُمانية/ بدأت اليوم أعمال النسخة الثانية من مؤتمر عُمان الوقفي، الذي يُعقد تحت شعار “الوقف وتعزيز التنويع الاقتصادي”، بتنظيم من مؤسسة بوشر الوقفية بالتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية. ويهدف المؤتمر إلى مناقشة الدور الاستراتيجي للوقف كرافد اقتصادي يسهم في دعم خطط التنويع والتنمية المستدامة، بالإضافة إلى استعراض نماذج الاستثمار الوقفي المبتكرة التي تعزّز الاستدامة المالية.

رعى افتتاح المؤتمر صاحب السمو السيد تيمور بن أسعد آل سعيد، رئيس مجلس إدارة البنك المركزي العُماني، وذلك بمشاركة واسعة من المختصين والخبراء والمعنيين بقطاع الوقف من سلطنة عُمان ودول مجلس التعاون والدول العربية والإسلامية، ويستمر لمدة يومين.

وفي كلمة اللجنة المنظمة، أكد مالك بن هلال اليحمدي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة بوشر الوقفية، أن الوقف يعد ركيزة محورية في بناء المجتمعات، مشيرًا إلى أن الوقف عبر التاريخ العُماني والإسلامي كان عنصرًا أساسيًّا في دعم مختلف القطاعات الحيوية. وأوضح أن التحولات الاقتصادية العالمية تستدعي تعزيز دور الوقف ودمجه في الخطط الاستراتيجية والرؤى الوطنية.

وأوضح اليحمدي أن المؤتمر يجمع نخبة من العاملين في القطاعين الوقفي والاقتصادي لمناقشة أفضل الممارسات وتبادل الخبرات والاستفادة من التجارب المحلية والإقليمية والدولية لتطوير منظومة الوقف في سلطنة عُمان.

وفي الجلسة الرئيسة، أكد معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري، وزير الأوقاف والشؤون الدينية، أن الوزارة تعمل وفق أربعة محاور استراتيجية تشمل:

  1. دعم التنمية المستدامة من خلال التعليم الديني وإدارة الأوقاف والزكاة بفعالية.
  2. تعزيز الثقة والشراكة المجتمعية باعتماد الحوكمة والتواصل المستمر والتحول الرقمي.
  3. تطوير استثمار الموارد الدينية عبر الحوكمة والتخطيط طويل الأمد وحماية المكتسبات.
  4. ترسيخ قيم الوسطية والمواطنة عبر تمكين المؤسسات والكوادر الدينية.

وأشار معاليه إلى أن القطاع الوقفي شهد نقلة نوعية خلال العقود الخمسة الماضية، حيث انتقل من نماذج تقليدية إلى منظومة مؤسسية حديثة تعتمد على التشريعات والأنظمة الرقمية. كما دشنت الوزارة السجل الوطني للأوقاف الذي يضم أكثر من 40 ألف أصل وقفي، وارتفع عدد المؤسسات الوقفية إلى 61 مؤسسة حتى نهاية 2024.

كما أكد معاليه تكامل الوقف والزكاة بوصفهما ركيزتين أساسيتين للتنمية؛ فالزكاة تقدم دعمًا مباشرًا للفئات المحتاجة، بينما يوفر الوقف تمويلًا مستدامًا للمبادرات التعليمية والصحية والاجتماعية. وأوضح أن الوزارة تبنت نماذج استثمارية حديثة شملت إطلاق قمرين صناعيين (أمان 1 وأمان 2)، وتأسيس شركة للبرمجيات اللغوية والذكاء الاصطناعي، إلى جانب الاستثمارات العقارية والزراعية والصناعية.

من جانبه، أشار معالي عبدالسلام بن محمد المرشدي، رئيس جهاز الاستثمار العُماني، إلى أن الأوقاف عالميًا تمتلك موارد ضخمة، إلا أن جزءًا كبيرًا منها لا يزال محصورًا في الاستثمارات العقارية التقليدية، مما يقلل من أثرها الاقتصادي. وبيّن أن المؤسسات الوقفية في السلطنة بدأت تتجه نحو الابتكار وتوسيع الوعي المجتمعي بالوقف، والتحول إلى دور اقتصادي يسهم في ريادة الأعمال وتنويع مصادر الدخل.

وتطرق معاليه إلى تجارب دولية رائدة مثل التجربة التركية والهندية والنيوزيلندية، بالإضافة إلى نماذج عُمانية حديثة مثل /وقف أثر الصحي/ ومبادرات مؤسسة بوشر الوقفية، داعيًا إلى تعزيز الشراكات المالية وربط المشروعات الوقفية بمستهدفات رؤية عُمان 2040.

ويتضمن المؤتمر أربعة محاور رئيسة تنطلق على مدى يومين، تشمل:

المحور الأول:

الوقف كأداة استراتيجية لدعم التنويع الاقتصادي، واستعراض دوره في دعم خطط التنمية الوطنية والقطاعـات ذات الأولوية مثل التعليم والصحة والابتكار والأمن الغذائي.

المحور الثاني:

الابتكار في الاستثمارات الوقفية، عبر نماذج استثمارية جديدة تشمل الصناديق الوقفية المشتركة والصكوك الخضراء والمحافظ المتنوعة، وتسليط الضوء على تجارب وظّفت الوقف في قطاعات واعدة.

المحور الثالث:

النماذج المالية الوقفية المبتكرة، بما في ذلك التقنيات الرقمية والبلوكتشين والصكوك الوقفية، مع استعراض تجربة “وقفي بنك” التركي كنموذج لدمج الوقف في النظام المالي.

المحور الرابع:

دور الأوقاف في تمكين ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، من خلال تمويل المشاريع الناشئة وبناء شراكات مع الحاضنات والمسرعات.

ويأتي المؤتمر تأكيدًا على الأهمية المتنامية للوقف كأداة اقتصادية قادرة على دعم التنمية الوطنية وتعزيز الاستدامة المالية في سلطنة عُمان.

زر الذهاب إلى الأعلى