الخطبة العصماء

سرد تفاصيلها: سالم بن سلطان العبري

لم تكن خطبة الجمعة لهذا اليوم المبارك، المصادف لليوم الأول من شهر ربيع الآخر لعام 1446 هـ، في مسجد المهنا بن جيفر بالأنصب، مجرد خطبة حماسية تستعرض الأحداث الجارية فحسب، بل كانت خطبة ألهبت مشاعر المصلين وأشعلت فيهم العزيمة لتحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني. قاد هذه الخطبة الدكتور بدر بن هلال اليحمدي بأسلوبه النقي وفطنته الحصيفة، مما جعل المستمع يعيش الأحداث وكأنها واقع حال هذه الأمة في أيامنا هذه، والتي يبلغ عدد سكانها ما يزيد عن المليار مسلم.

كان محور الخطبة هو الدعوة إلى نصرة المجاهدين المرابطين في فلسطين ولبنان، تلك المرابطة التي أشعلت “طوفان الأقصى”، وهو الطوفان الذي أدى إلى هجرة عكسية لليهود. فقد وصف الله اليهود في القرآن الكريم بالجبن في قوله تعالى: “لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ” (سورة الحشر: 14).

وقد أكد الدكتور اليحمدي أن التاريخ يعيد نفسه، وأن اليهود لا يستطيعون خوض معاركهم وحدهم؛ فهم أجبن من ذلك. وإذا كان هناك دعم خارجي لهم في الماضي، فإن المنافقين من أبناء الأمة هم اليوم من يدعمونهم ويمولونهم ويشجعونهم على استمرار عدوانهم. والنتيجة هي التمكين لليهود، وإسكات أي صوت يطالب بالحق المغتصب، وتحرير المسجد الأقصى الأسير، وإعادة العزة والمكانة لهذه الأمة.

في هذه الخطبة، تمكن الدكتور اليحمدي من نقل الأحداث وكأنها تبث على شاشات الأخبار العالمية، وارتقى بمستوى خطابه ليكون أعمق وأقوى من تحليلات المحللين السياسيين ومقدمي البرامج الوثائقية والحوارية. وقد جاء ذلك نتيجة تمرسه في علوم العقيدة والفقه والسيرة، ونشأته بين الكتب والمراجع العلمية، مما جعله يملك القدرة على التفاعل الحي مع القضايا المصيرية للأمة. كانت هذه الخطبة بمثابة دعوة لجميع المسلمين حول العالم، لما فيها من قوة وتأثير وصدق في نصرة الحق وتحرير المقدسات.

في ختام هذه الخطبة العصماء، دعا الدكتور اليحمدي المسلمين للثبات على الحق ونصرة إخوانهم المجاهدين. كما حثهم على عدم الانسياق وراء التضليل الإعلامي الذي يهدف إلى خلق تعاطف مع العدو المغتصب، مذكرًا بأن الواجب الشرعي هو دعم المقاومة والمجاهدين في تحرير الأرض والمقدسات.

وأثناء الدعاء في نهاية الخطبة، رفع المصلون أيديهم إلى السماء، سائلين الله أن ينصر إخوانهم المجاهدين، ويوحد صفوف المسلمين في مواجهة الأعداء، وأن يعزّ الله سلطنة عمان، ويحفظ سلطانها وشعبها. كما أكدوا في دعائهم على أن تظل عمان دائمًا أهل بصيرة وحكمة وإقدام، كما كانت عبر التاريخ والأزمان.

زر الذهاب إلى الأعلى