مسقط
( بحر الرَّمَل ، العَروض والضَّرب صحيحة : فاعلاتن )
شعر : حمد الراشدي
بحر العرب
٢٣ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ – ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م
يا نَديمي هلْ قَرأتَ اليومَ دَرْسا
مِنْ حِوارٍ أمْ سَمِعْتَ البَوْحَ هَمْسا
يا نَديمي هلْ عَرَفْتَ الحُبَّ خَمْراً
أوْ تَذَوَّقْتَ الطِّلا بِالْوَجْدِ كاْسا
يا نَديمي هلْ دَهاكَ الشَّوْقُ وَصْلاً
ثُمَّ رُحْتَ الليْلَ كالْهائمِ خِلْسا
تَسْأَلُ الأَقْمارَ هَدْياً نَحْوَ خِلٍّ
كانَ مِنْكَ القَلْبَ والأضْلاعَ هَجْسا
فَتَلَقَّيْتَ الأماني عِندَ صَبٍّ
ودعاكَ الثَّغْرُ أنْ تَلْثَمَ لُعْسا (١)
بَعْدَما نال أماناً قال يَرْجو :
واضْمُمِ الصَّدْرَ لكيْ تَرتاحَ نَفْسا
قِبْلةَ الحُسْنِ كما حُلَِيِتِ لِبْساً
في زُها الأعْيادِ زِدْتِ الأُنسَ أُنْسا
مَسْقَطٌ يا رَوْضَةً للحُبِّ مِنْها
سَرَتِ الأحْلامُ تَكْسي الحُبَّ قُدْسا
ولأَنِّي قد رَشَفْتُ الحُبَّ شَهْداً
مِن هَواها فهُنا أنظُمُ نَبْسا
مِنْ قَصيدٍ أحْرُفاً تَجْري مَداداً
تَنْضحُ المَكْنونَ نَهْراً بَلَّ يَبْسا
ومتى فاضَتْ قُلوبٌ مِنْ شُعورٍ
طَفِقَتْ تَخْفقُ تَرْنيماً وجَرْسا
وبيانُ القَلْبِ إنْ يْتْلَىٰ جِهاراً
فَصريحُ القَوْلِ يُغني عَنْكَ جَسّا
في رُباها كُلُّ شيءٍ قدْ سَناها
حينَ لاقى النّورُ لِلْأَحْبابِ غَرْسا
مَنْ يَراها تَلْبِسُ العِمرانَ حُلْياً
وأَراها نَبْضَ حُبٍّ رَقَّ حِسّا
قِمَمُ التاريخِ تُغني عنْ سؤالٍ
فهيَ الدَّهْرُ فِعالاً لَيْسَ تُنْسىٰ
وزَحامٌ وحَراكٌ زادَ زَخْماً
تَشْهَدُ الأيّامُ مِنْهُ ثَمَّ عُرْسا
وطُموحٌ وشُموخٌ قادَ عَصْراً
ليْسَ في الأفْهامِ مِنْهُ حُبَّ ليْسا
مسقطُ العُرْبِ لها الأيامُ نَصْراً
وعنِ الإسلامِ ذادتْ حِينَ مُسّا
” بُرتغاليُّونَ “جاسوا بَعْدَ غَزْوٍ
في خِلال الأرضِ ما اعْتادوه خِسّا
عَزّ يَومٌ عِنْدما أجْلَتْ عَدُوَّاً
سامَ في النّاسِ وما وَفَّرَ جِنْسا
و ” الجَلاليْ ” شهِدَ الإجْهازَ فَجْراً (٢ )
و ” ابْنُ سيْفٍ ” كانَ فوْقَ الجَيْشِ رأْسا ( ٣ )
مِنْ رُبى مسقطَ أجْلى” اليَعْربيّّو –
نَ ” فُلولَ البَغْيِ بالخُذْلانِ رُكْسا (٤ )
بَعْدَها ما وسِعَتْهُمْ أرْضُ عُرْبٍ
وبحارُ الشّرْقِ بِ ” الدّاواتِ ” تُرْسى ( ٥ )
وقْعَةُ النّصرِ بها قَرّتْ حَياةٌ
في ” عُمانَ ” المجْدِ بالخَيراتِ تُكْسى
وشِراعُ العُرْبِ بالرّايات تُحْمى
تَنْشُرُ الأَمْنَ ، عَلَتْ سَيْفاً و تُرْسا
يكْبُرُ الأبطالُ بالأحْداثِ ذِكْراً
وكذا البُلْدانُ إنْ تَبْريهِ قَوْسا
وتَسُوسُ الأمْرَ فَضْلاً تِلْوَ فضْلٍ
وإذا ما شُطَّ فالمَسْنونُ ضُرْسا
يَمْنعُ الأوطانَ والأفكارَ بأْسٌ
ورِجالٌ بَلَغوا بالعَزْمِ شَمْسا
مسقطُ اليومَ لها الأحْكامُ عَقْلاً
وعلى القرآنِ نهْجاً ليسْ مَيْسا
وبها الكُرْسيُّ عدْلاً زانَ عَدْلاً
يحْرِسُ النُّعْمى لها الآمالُ تُمْسىٰ
” هيْثمُ ” الخيرِ تَوَلّاهُ زِماماً (٦ )
يَسْبِقُ الأيّامَ ، لا يَنْساهُ أمْسا
قائدٌ يَقْدَحُ في الجُهْدِ أوَاراً
ضَرَماً يَبْقى يُحيلُ الزَّندَ فأْسا
ولهُ السّاعاتُ والسّاحاتُ شَدَّتْ
وعلى التّحْقيقِ ، بَأساً صَدَّ بَأسا
ولَهُمْ ” آلُ سَعيدٍ ” نَهْجُ حُكْمٍ (٧ )
حَفَظوا مُنْذُ ” الإمامِ ” الغُرِّ أرْسى ( ٨)
لِنِظامٍ قامَ بالإيلاءِ صِرْفاً
يَبْسِطُ الأمْنَ وقد أخْرَجَ فُرْسا
ثُمَّ أَوْلىٰ يَعْمرُ الأنْحاءَ يَبْغي
لَمَّ شَمْلٍ ، يَرْدِسُ الفِتْناتِ رَدْسا
واسْتَتبَّ الأمْرُ حُكْماً هِيبَ عَرْشاً
والسّلاطينُ أَشَبُّوا العَرْشَ أُسَّا ( ٩ )
مسقَطَ البَحْرِ ، وهلْ للبَحْرِ دُرٌّ
كُنَّ في الأصْدافِ إلاّ فيكِ رسّا
أنْتِ حُبٌّ وغَرامٌ ، ويْحَ مِنْهُ
وَ غَرامٍ قد يُحيلُ الشّيْخَ قِسّا
فانْظُري لي مُدْنَفاً إذْ قال شِعْراً
حَظُّهُ مِثْلُ ” جَميلٍ ” آخَ ” قَيْسا “
١- اللُّعْس : سوادٌ مُسْتَحْين في باطن الشفه .
٢- الجلالي : قلعة حصينة وقعت فيها آخر معركة أجلت البرتغاليين عن عمان بعد احتلال دام زهاء قرنٍ ونصف .
٣- ابن سيف : الإمام سلطان بن سيف ، الامام الثاني في سلسلة أئمة دولة اليعاربة بعد الإمام المؤسس ناصر بن مرشد اليعربي .
٤- اليعربيون : هم اليعاربة .
٥- الدّاوات : جمع داو ( dhow ) اللفظة باللغة الإنجليزية لمراكب الشراع العربية .
٦- صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان .
٧- ال سعيد : الأسرة الحاكمة في عمان بعد تأسيس الدولة البوسعيدية عام ١٧٤٤ م .
٨- الإمام أحمد بن سعيد مؤسّس الدولة البوسعيدية في عمان .
٩- أشَبَّوا : حَموْا وحَصّنوا .