تهنئتي إليكم بشهر الفتح المبين

سالم بن عامر العيسري
تهنئتي إليك يا أمتي يا خير أمة أرسل الله إليها خير الرسالة بخير كتاب وخير منهاج أستمدها من ميادين الصبر وميادين الكفاح التي سار عليها الحبيب المصطفى وربى عليها ذلك الجيل الفريد، ويسير عليها قادة الفتوحات الربانية ساروا على منهاج صاحب اللواء المعقود صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى أن تقوم الساعة.
تهنئتي إليكم مستمدة من محبتكم لجلال الله في شهر الصبر وشهر النصر، وشهر تربية النفوس وإطلاق طاقاتها لتكون أمة قائدة رائدة مستقلة بكل ما تعنيه كلمة الاستقلال. ومستمدة كذلك باستعلائها على كل ما يصدها عن منهج الله، مستعلية على كل شهواتها ورغباتها ونزغاتها وإملاءاتها الصارفة عن منهج الله.
تهنئتي إليكم مستمدة من يوم بدر الذي أفاضت سورة الأنفال في تجلية حكايته الفرقانية: “إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ”، ويوم بدر هو اليوم الذي جندل الله فيه عتاة الكفر وقادة الطغاة الذين كانوا يحادون الله ورسوله، فامتن الله على جنده وجعل حكايتهم في ذلك اليوم منهاجا لكل المستضعفين من المؤمنين يستمدون من تلك الحكاية القوة بتوثيقهم صلتهم بربهم الذي يصرف القوى كلها وفق مشيئته الطليقة من كل القيود وفق مقتضيات عزته وحكمته وعدله.” وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿٢٦﴾.
تهنئتي إليكم مستمدة من تذكير نفسي وتذكير من أحبهم لجلال الله أننا مطالبون بأن نكون عناصر قوة فاعلة آخذة بأسباب العزة والنصر والتحرر من قيود الأوهام التي يبثها شياطين الجن والإنس بيقيننا أن الفاعل الحقيقي هو الله سبحانه فهو الذي يهيئ عوامل النصر لعباده “فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿١٧﴾.
وتهنئتي إليكم مستمدة من بيعة أصحاب الشحرة البيعة التي أعقبت الرضى وأضفت السكينة وأفاضت الطمأنينة “لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴿١٨﴾ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴿١٩﴾.
وتهنئتي أستمده من الخصائص القيادية الفريدة التي نعت الله بها تلك الكوكبة الفريدة التي سارت في ركاب الفتح وكانت مختتم سورة الفتح؛ “مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴿٢٩﴾.
وختام تهنئتي إليك أستمده من صمود أحبتنا وأهلنا في غزة العزة وكفاحهم وصبرهم وثباتهم ثبات الجبال الرواسي، هذه الفئة المؤمنة التي اصطفاها الله لتكون انبلاج فجر جديد للأمة وصدقها في التعامل مع الله وتربيتها النفوس على منهاج بدر والفتح والأحزاب وما قصه الله علينا في ثنايا كتابه المنهاج الخالد. هذه الفئة التي أجرى الله على يديها ما أجراه على الجيل الذي صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يزال العالم أجمع يشهد بالصوت والصورة ما يقومون به من بطولات، وما يحققه الله لهم من الانتصارات على كل الصعد.
اللهم كن لإخواننا وأحبتنا معينا ومثبتا وناصرا، اللهم افتح لهم فتحا مبينا وانصهم نصرا عزيز، وأيدهم بجنودك فلك وحدك جنود السماوات والأرض، اللهم تقبل شهداءهم واشف مرضاهم وجرحاهم وأنزل السكينة عليهم.
اللهم وفقنا لنصرتهم ومساندتهم وعونهم بما تجريه علينا من نعمائك ياذا الجلال والإكرام. اللهم عليهم بالصهاينة والمتصهينين والمطبعين معهم، وأرنا فيهم جميعا عجائب قدرتك وأليم بطشك وانتقامك يا الله يا جبار يا منتقم، يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
وفي نهاية مطاف تهنئتي إليك ألقيها على نفسي وعلى من أحبهم جميعا لجلال الله هذه الأسئلة المُلِحَّة:
ما هو نصيبي من نفحات رمضان وبركاته وأنواره؟
ما هو نصيبي من الوقوف مع آيات الله الحافزة للنفوس التي تملأ القلب وجلا وإشفاقا من عذاب الله، وتملأها كذلك أملا ورجاء في رحمة الله؟
ما هو دوري في استعادة أمتي زمام القيادة الريادة وتحقيق خيرية الأمة، وما هي الرغبات والشهوات التي أعاهد الله على اكتسابها والمحافظة عليها؟ وما هي العادات التي أعاهد الله أن أنبذها وأتخلى عنها؟
ما هو نصيبي وما هي خطتي للتحلي بالخصائص القيادية التي وردت في خاتمة سورة الفتح؟
أين موقعي الآن من الثغر الذي يقف عليه إخواني وأهلي في أرض الرباط من القدس وغزة العزة وغيرها من أرض فلسطين الحبيبة؟ هل أستشعر حقا إنهم مني وأنا منهم؟
هل سأصمد في معاداة ومقاطعة الصهاينة ومن والاهم وتصهين وطبع معهم؟
أجراها الله على عبده سالم بن عامر بن سيف العيسري
في ضحوة غرة رمضان 1446 هـ
الخوير مسقط