التعلم في عصر الذكاء الاصطناعي: رحلة اكتشاف الذات بين الفرص والتحديات

مسقط في 1 أكتوبر /العُمانية/ في ظل تزايد تأثير التقنيات الحديثة على مختلف جوانب الحياة، يواجه الأطفال والناشئة اليوم تجربة تعليمية فريدة لم تعرفها الأجيال السابقة، حيث لم يعد التعليم يقتصر على تلقي المعلومات وحفظها، بل أصبح تفاعليًا مع أنظمة ذكية وخوارزميات قادرة على توقع احتياجات المتعلم والاستجابة لها.

توفر أدوات الذكاء الاصطناعي فرصًا واسعة لتنمية التفكير والإبداع لدى الأطفال، لكنها في الوقت نفسه تطرح تساؤلات حول حدود الحرية والخيال، وتجعل العملية التعليمية رحلة لاكتشاف الذات وبناء الشخصية، مع مواجهة تحديات معرفية ونفسية جديدة.
وأشار المهندس يوسف بن عبدالله المعولي، مختص في الذكاء الاصطناعي، إلى أن هذه الأدوات يمكنها تصميم بيئات تعليمية مخصصة، بما يشمل ألعابًا تعليمية ومنصات تفاعلية تركز على نقاط ضعف كل طالب، وتقدم الشرح بطرق متعددة، ما يجعل الطالب محور العملية التعليمية. إلا أن الاعتماد المفرط على هذه التقنيات قد يحد من قدرة الطلاب على التفكير النقدي والاكتشاف الذاتي، ما يستدعي موازنة الاستخدام بين دعم التعلم والحفاظ على دور المعلم.

وأكد المعولي أن المستقبل التعليمي يقوم على تكامل الذكاء الاصطناعي مع المعلم والبيئة الصفية، حيث يوفر الذكاء الاصطناعي محتوى ذكيًا وأدوات تقييم دقيقة، فيما يظل المعلم مسؤولًا عن تنمية الإبداع والقيم الإنسانية لدى الطلاب.
ومن جانبه، أشار خالد بن الصافي الحريبي إلى أن إرث الخوارزميات يعود إلى العالم العربي المسلم محمد بن موسى الخوارزمي، ما يمنح شعورًا بأننا ورثة تاريخ علمي قادر على تشكيل المستقبل. ولفت إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي، إذا تم توظيفها بحكمة، يمكن أن تكون منصة لإطلاق الخيال وتعزيز التفكير النقدي، بدلًا من الاقتصار على الحفظ وإعادة ترتيب المعلومات.

بينما أكد الدكتور كمال الصباحي أن استخدام الذكاء الاصطناعي للأطفال يجب أن يحمي خصوصيتهم ويعزز استقلالهم الفكري، مشيرًا إلى ضرورة بناء وعي رقمي وأخلاقي منذ سن مبكرة، لضمان أن يصبح الطفل مستخدمًا واعيًا للأدوات الذكية وليس مجرد “منتج رقمي”.
كما شدد سعد بن ربيع العريمي، خبير أدوات المستقبل، على أهمية التوازن بين الذكاء الاصطناعي والتفاعل الإنساني، موضحًا أن العلاقة الإنسانية لا يمكن استبدالها بالخوارزميات، فهي ضرورية لفهم المشاعر وبناء العلاقات الاجتماعية، فيما تتيح التقنيات الحديثة فرصًا غير مسبوقة لفهم الذات وتنمية المهارات بسرعة أكبر.

ويؤكد الخبراء أن التحدي يكمن في احتضان الذكاء الاصطناعي بوعي، واستخدامه كأداة داعمة للتعليم، مع الحفاظ على دور المعلم والبيئة الصفية، لضمان تنشئة جيل قادر على الابتكار والإبداع، يجمع بين قوة التقنية وعمق الخبرة الإنسانية.





