“بيت العود” في الحيملي.. معلم يجمع بين عبق التراث وروح المعاصرة

الحوقين في 5 نوفمبر /العُمانية/يشكّل بيت العود في قرية الحيملي بنيابة الحوقين بمحافظة جنوب الباطنة نموذجًا فريدًا يجمع بين الأصالة العُمانية والمعاصرة، إذ تحول هذا البيت الأثري إلى وجهة سياحية نابضة بالحياة تستقطب الزوار من داخل سلطنة عُمان وخارجها، ليحكي قصة بيتٍ عريقٍ ظل شاهدًا على تاريخٍ طويلٍ وإرثٍ متجذرٍ في الذاكرة العُمانية.

وأوضح حميد بن راشد بن حميد الراجحي، المشرف على البيت وأحد ملاكه، لوكالة الأنباء العُمانية، أن عدد زوّار “بيت العود” من أكتوبر 2024 وحتى نهاية أكتوبر 2025 تجاوز ألف زائر من مختلف الجنسيات، بفضل جمال الموقع الطبيعي وتكامله مع البيئة البكر في وادي الحيملي. وأضاف أن عدد الزوّار مرشّح للزيادة خلال الموسم السياحي الشتوي الجاري، خصوصًا مع تزايد الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتعاون إدارة البيت مع الشركات السياحية لتنظيم رحلات المشي الجبلي (الهايكنج) لمسافة تقارب 6 كيلومترات في وادي الحيملي.

وبيّن الراجحي أن “بيت العود” يُعد من المعالم التاريخية البارزة في نيابة الحوقين، إذ يعود بناؤه إلى نهاية دولة اليعاربة وبداية الدولة البوسعيدية، على يد الشيخ راشد بن خميس الراجحي الذي تُوفي عام 1188 هـ. ويشبه البيت في نمطه المعماري الحصون العُمانية المصغرة، فهو مبنى مربع الشكل يتضمّن برجين متقابلين، اندثر أحدهما (البرج الغربي) عبر الزمن.

ويُصنّف “بيت العود” كمنزل دفاعي وتحصيني استخدم في فترات تاريخية معينة، ويتكوّن من خمس غرف أساسية إضافة إلى الممر وغرفة السطح، وتبرز فيه عناصر معمارية تقليدية مثل البرج الشرقي وفتحات إطلاق النار ومساقط العسل الحار، مع جدران سميكة مصممة للحماية. وأصبح البيت اليوم معرضًا تراثيًّا مفتوحًا يضم مقتنيات أثرية ووثائق تاريخية نادرة، ويُعد مثالًا ناجحًا في توظيف الهوية الثقافية لخدمة التنمية السياحية المستدامة.

وأشار الراجحي إلى أن الباب الرئيسي صُنع من خشب العلعلان، وهي من الأشجار المعمّرة في سلطنة عُمان، بينما صُنعت الأسقف من جذوع النخيل وأخشاب السدر المحلية. وتمت أعمال ترميم البيت في مراحل متعددة، آخرها في عام 1389 هـ، كما جرى ترميمه مؤخرًا باستخدام الطرق التقليدية القديمة، وأُعيد افتتاحه في 15 ديسمبر 2018 تحت رعاية صاحب السمو السيد ملك بن شهاب بن طارق آل سعيد.

ويضم البيت حاليًّا مجموعة من المقتنيات الأثرية تشمل الأبواب القديمة والوثائق والمخطوطات والمواد المنزلية النادرة، إضافة إلى دفاتر ووثائق ترميم تاريخية دوّنها أبناء العائلة، ليغدو اليوم مزارًا ثقافيًّا وسياحيًّا بارزًا لزوار وادي الحيملي، يجسّد أصالة الماضي وروح الحاضر في آنٍ واحد.

زر الذهاب إلى الأعلى