شجرة المِزِي.. رمزٌ بيئيٌّ وثقافيٌّ يجسّد أصالة الطبيعة في مسندم

خصب في 5 نوفمبر /العُمانية/تُعدّ شجرة المِزِي من أبرز الرموز البيئية والثقافية في محافظة مسندم، إذ تمثل نموذجًا فريدًا للتكيّف مع البيئات الجبلية القاسية، وتجسّد في حضورها على سفوح الجبال والأودية روح الصبر والتحدي التي يتميز بها سكان المحافظة، بما يعكس الانسجام العميق بين الإنسان والطبيعة في هذه البيئة الجبلية الوعرة.

وأوضحت المهندسة نورة بنت عبد الله الشحية، رئيسة قسم التنوع الأحيائي وتنمية الغطاء النباتي بإدارة البيئة بمحافظة مسندم، أن شجرة المِزِي تُعد من الأنواع النباتية المتكيفة مع البيئات الصخرية معتدلة الحرارة، خاصة في منطقة السي بولاية خصب، ما يمنحها أهمية بيئية كبيرة كونها تسهم في حفظ التوازن الطبيعي بالمناطق الجبلية. وأضافت أن هذه الشجرة تحدّ من انجراف التربة وتوفّر موائل طبيعية للكائنات البرية، كما تشكّل مصدر ظلٍّ ومأوى طبيعيًّا في المناطق التي يقل فيها الغطاء النباتي.

وبيّنت الشحية أن الشجرة تنتشر بطبيعتها في جبال محافظة مسندم وتمتد إلى أجزاء من سلسلة جبال الحجر الشرقي على ارتفاعٍ يزيد على 1000 متر فوق سطح البحر، وتنتمي إلى فصيلة القرنيات الفراشية. وتمتاز بخضرتها الدائمة وبارتفاعٍ يصل إلى ثلاثة أمتار، وهي شجرة متساقطة الأوراق تبقى فروعها عارية في معظم فصول السنة، وتُزهر بأزهارٍ قرنفلية مائلة إلى البياض، بينما تحمل ثمارًا بندقية الشكل صغيرة وصلبة تغطيها أرياش بنية دقيقة.

وأضافت أن شجرة المِزِي تُصنَّف ضمن الأنواع النباتية المهددة بالانقراض وفق القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN)، ما يستدعي تكثيف الجهود لحمايتها وضمان استدامتها في بيئتها الطبيعية. ودعت إلى تعاون الجهات الرسمية والمجتمع المحلي للحد من الممارسات السلبية مثل الرعي الجائر والاقتلاع العشوائي، وتعزيز الوعي بأهميتها من خلال برامج التوعية والمبادرات البيئية الهادفة إلى إعادة تأهيل المناطق الجبلية والحفاظ على الغطاء النباتي للأجيال القادمة.

وأشارت الشحية إلى أن لشجرة المِزِي مكانة خاصة في الموروث الشعبي لأهالي مسندم، إذ ارتبطت بحكايات وقيمٍ تعبّر عن الكرم والصمود والارتباط بالأرض، فأصبحت رمزًا للطبيعة العُمانية الأصيلة. ولا تقتصر أهميتها على قيمتها البيئية فحسب، بل تمتد إلى الصناعات الحرفية التقليدية، حيث يُستفاد من خشبها الصلب في صناعة أدوات تراثية مثل “عصا الجرز”، إلى جانب المقابض وأدوات الزراعة والمشغولات الخشبية التي تعكس إبداع الحرفيين المحليين ومهارتهم.

وأكدت أن الحفاظ على شجرة المِزِي يُعد حفاظًا على هوية بيئية وثقافية متجذّرة في جبال مسندم، داعية إلى إدراجها ضمن البرامج التعليمية والمبادرات التطوعية البيئية لضمان استمرار حضورها كرمزٍ يعبر عن التوازن بين الإنسان والطبيعة في البيئة العُمانية.

زر الذهاب إلى الأعلى