الاقتصاد العُماني يواصل نموّه الإيجابي مدعومًا بالإصلاحات الهيكلية واستقرار التضخم خلال عام 2024

مسقط في 9 نوفمبر /العُمانية/ سجّل الاقتصاد العُماني خلال عام 2024م نموًّا ملحوظًا مدعومًا بمواصلة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، والتوسع في الأنشطة غير النفطية، إلى جانب بقاء معدلات التضخم ضمن مستوياتٍ متدنية، بفضل التنسيق المتكامل بين السياسات النقدية والمالية في البلاد.
وأكّد التقرير السنوي الصادر عن البنك المركزي العُماني أن السلطنة حقّقت أداءً اقتصاديًا مستقرًّا خلال العام، إذ شهدت أرصدة الحساب المالي والقطاع الخارجي فوائضَ جيدة نسبيًّا، فيما واصل الدين العام تراجعه، ما أسهم في تعزيز متانة الاقتصاد الكلي واستدامة المالية العامة.
وأوضح التقرير أن هذه المؤشرات الإيجابية مكّنت سلطنة عُمان من استعادة التصنيف الائتماني بدرجة الاستثمار، مدعومةً بصلابة القطاع المصرفي الذي حافظ على مستويات مرتفعة من السيولة والملاءة المالية.
وبيّن التقرير أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نما بنسبة 1.6 بالمائة خلال عام 2024م، مقارنةً بـ 1.4 بالمائة في عام 2023م، مدفوعًا بنمو القطاع غير النفطي بنسبة 3.9 بالمائة، نتيجة تحسّن أداء الصناعات التحويلية والخدمات والقطاع اللوجستي.
كما سجّل الناتج الصناعي الحقيقي نموًّا بنسبة 5 بالمائة بعد تراجعٍ في العام السابق، وحقق قطاع الصناعات التحويلية نموًّا بنسبة 8.3 بالمائة، وقطاع الإنشاءات بنسبة 2.4 بالمائة، في حين نما قطاع الخدمات بنسبة 3 بالمائة، مدعومًا بارتفاع أنشطة تجارة الجملة والتجزئة (5.3 بالمائة) والنقل والتخزين (4 بالمائة).
وفيما يتعلق بالتضخم، أشار التقرير إلى أن معدل التضخم تراجع إلى 0.6 بالمائة في عام 2024م مقابل 0.9 بالمائة في عام 2023م، مدعومًا بقوة الريال العُماني والإجراءات المالية والإدارية التي ساعدت على استقرار الأسعار، مما يجعل معدل التضخم في السلطنة من الأدنى في المنطقة.

وعلى صعيد المالية العامة، أظهر التقرير استمرار تحسّن الوضع المالي للدولة، إذ حقّقت الحكومة فائضًا ماليًا نسبته 1.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2024م، بفضل أسعار النفط المواتية والإدارة الحصيفة للإنفاق العام، ما أسهم في خفض نسبة الدين العام إلى 35 بالمائة من الناتج المحلي مقارنة بـ 37.1 بالمائة في عام 2023م.
أما في القطاع الخارجي، فقد حافظ الأداء الاقتصادي على استقراره بدعم من نمو الصادرات غير النفطية وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في عدد من القطاعات الواعدة، ما ساعد على تحقيق فائض في الحساب الجاري بنسبة 2.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
كما أبرز التقرير أن نظام سعر الصرف الثابت للريال العُماني يظل أداةً محورية في الحفاظ على استقرار الأسعار وتعزيز الثقة بالاقتصاد الوطني.
وفي مجال السياسة النقدية، واصل البنك المركزي العُماني التزامه بالنهج المرن في إدارة السيولة بما يدعم النشاط الاقتصادي، حيث خُفّض سعر الفائدة الأساسي إلى 5.145 بالمائة في نهاية ديسمبر 2024م، تماشيًا مع السياسة النقدية التيسيرية لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وأشار التقرير إلى أن القطاع المصرفي العُماني حافظ على قوته واستقراره المالي، إذ ارتفع إجمالي أصوله بنسبة 6.6 بالمائة ليبلغ 44.6 مليار ريال عُماني، وارتفع إجمالي الائتمان الممنوح بنسبة 6.7 بالمائة ليصل إلى 32.5 مليار ريال عُماني، بدعمٍ من نمو الودائع بنسبة 9.1 بالمائة لتبلغ 31.7 مليار ريال عُماني.

كما استمر القطاع المصرفي في تحقيق معدلات ربحية جيدة مع انخفاض القروض المتعثرة إلى 4.5 بالمائة، وبلغت نسبة كفاية رأس المال 18.2 بالمائة بنهاية عام 2024م، مما يعكس مرونة ومتانة النظام المالي الوطني.
وفي سياق التطوير التشريعي، أشار التقرير إلى صدور المرسوم السلطاني رقم 2 / 2025م القاضي بإصدار قانون مصرفي جديد يهدف إلى تعزيز مرونة القطاع المصرفي وتنافسيته، وتنظيم الأعمال والتقنيات المصرفية الحديثة، وتطبيق أدوات رقابية قائمة على المخاطر.
كما أطلق البنك المركزي العُماني مبادرة لتخصيص جزء من الائتمان المصرفي للقطاعات الاقتصادية ذات الأولوية مثل الزراعة، وصيد الأسماك، والتعدين، واللوجستيات، والسياحة، والطاقة المتجددة، دعمًا لأهداف التنمية المستدامة ورؤية عُمان 2040.
وتوقّع التقرير أن يواصل الاقتصاد العُماني مسار النمو الإيجابي في عام 2025م، بنسبة 2.9 بالمائة مدفوعًا بالأنشطة غير النفطية، مع بقاء التضخم عند مستويات منخفضة واستمرار استدامة الدين العام ضمن حدود آمنة تبلغ 35.6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن سلطنة عُمان، ومع اقتراب انتهاء الخطة الخمسية العاشرة (2021 – 2025)، أرست أسسًا قويةً لتحقيق أهداف رؤية عُمان 2040، من خلال التنويع الاقتصادي، وضبط المالية العامة، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، والإصلاح المؤسسي، بما يؤهلها لمواصلة مسار النمو المستدام والشامل في السنوات المقبلة.





