عُمان تُعزّز مكانتها في تبنّي تقنيات المستقبل ودعم الابتكار

مسقط في 16 نوفمبر 2025 /العُمانية/تمضي سلطنة عُمان بثبات نحو تعزيز حضورها في مجالات التقنيات المتقدمة عبر تبنّي حلول المستقبل وتوظيفها في تطوير القطاعات الإنتاجية والخدمية، بما يدعم مسارات الابتكار ويواكب التوجهات العالمية في الاقتصاد الرقمي.

ويأتي هذا التوجه ضمن مسار وطني متكامل يرتكز على مرتكزات رؤية “عُمان 2040” الرامية إلى بناء اقتصاد متنوع قائم على المعرفة، وتعزيز الاستدامة، وتمكين القدرات الوطنية القادرة على قيادة التحول التقني.

وقال إبراهيم بن سعيد العيسري، رئيس استثمارات الأسواق الخاصة بجهاز الاستثمار العُماني، إن الاستثمار في التقنيات المتقدمة يمثل خيارًا استراتيجيًّا لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز القدرة على الابتكار، نظرًا لدورها في رفع كفاءة الإنتاج وتطوير خدمات ذكية تواكب التغيرات العالمية.

وأوضح في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية أن الجهاز يقيم جدوى الاستثمار في هذا القطاع الحيوي عبر قياس أثره الاقتصادي، مبينًا أن التقنيات الحديثة تسهم في أتمتة العمليات الصناعية وتقليل التكاليف التشغيلية، بما يعزز كفاءة قطاعات الصناعات التحويلية والنفط والغاز والخدمات اللوجستية، إضافة إلى القطاعات غير النفطية، خاصة الطاقة المتجددة والسياحة.
وأشار إلى تجارب وطنية رائدة في هذا المجال، من بينها الاستثمار في تصميم أشباه الموصِّلات، والدخول في شراكات مع شركات متخصصة في الرقائق المدمجة مثل لوموتيف وموفاندي، إلى جانب دعم الشركات المحلية مثل إنوتك التي طوّرت حلولًا مبتكرة في الطباعة ثلاثية الأبعاد للمباني.
وأكد العيسري أن الجهاز يعمل على تمكين الشركات الناشئة لدخول قطاع التقنيات المتقدمة، انسجامًا مع المبادرات الوطنية الصادرة عن وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات ضمن البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة، مشيرًا إلى تنامي عدد الشركات الناشئة المتخصصة في الروبوتات في السوق العُمانية، مثل: فكاريوس، فابريكيت، فامو جروب، إنوتك، لونيكس، تيرا روبوتات، وواكان تك، وهو ما يعكس التوجه الوطني نحو توطين وتطوير التقنيات الذكية.
وأضاف أن الجهاز يواصل التوسع في استثماراته في تقنيات المستقبل بما يعزّز مكانة السلطنة مركزًا إقليميًّا للتقنية والابتكار، ويسهم في تحقيق مستهدفات رؤية “عُمان 2040” في التنمية المستدامة وتوظيف التقنيات الحديثة لخدمة المجتمع.
التعليم ودوره في إعداد جيل تقني
وتولي وزارة التربية والتعليم اهتمامًا كبيرًا بتأهيل الطلبة في مجالات تقنيات المستقبل عبر إنشاء مختبرات الروبوت التعليمي ومبادرات التعليم التطبيقي، بهدف ربط المعرفة النظرية بالتطبيق العملي وصقل مهارات الطلبة في الابتكار.
ويعمل مختبر الروبوت التعليمي على تدريب الطلبة في تصميم وبرمجة الروبوتات، واستخدامها في حل المشكلات، واكتساب مهارات في الطائرات بدون طيار، وتحويل الأفكار إلى نماذج باستخدام التصميم والطباعة ثلاثية الأبعاد، إضافة إلى تعريفهم بأساسيات البرمجة والذكاء الاصطناعي.

وقالت شريفة بنت سالم الذهب، أخصائية ابتكار وأولمبياد علمي أول، إن مختبر الروبوت يمثل منظومة متكاملة للابتكار، تُسهم في إعداد جيل قادر على مواكبة التطورات المتسارعة في التكنولوجيا وامتلاك مهارات القرن الحادي والعشرين.
وأضافت أن المركز يعمل بالتعاون مع المدارس على نشر التعليم التفاعلي وتبني المشروعات الطلابية المبتكرة وتطويرها إلى مبادرات ريادية، وتمكين الطلبة من تمثيل السلطنة في المسابقات الدولية. وقد نفذ المركز أكثر من 5 آلاف حلقة تدريبية في الروبوتات والطباعة ثلاثية الأبعاد والبرمجة، استفاد منها أكثر من 100 ألف طالب وطالبة، وحقق الطلبة 8 جوائز دولية خلال العام الدراسي الماضي.
دور القطاع الخاص في دعم التحول التقني
ويبرز القطاع الخاص كشريك رئيس في دعم مسار التحول الرقمي وتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي والروبوتات.

وأوضح محمد بن إسلام السيد، مهندس الروبوتات والذكاء الاصطناعي بشركة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، أن الشركة نفّذت أكثر من 15 نوعًا من الروبوتات الخدمية ضمن رؤية التحول الرقمي، من أبرزها روبوت “ندى” المستخدم في صالات شركة نماء لخدمات المياه لتقديم خدمات الاستعلام والدفع وتنظيم الدور، مما أسهم في تسريع الإجراءات وتحسين تجربة المراجعين.
كما طوّرت الشركة روبوتات للتعقيم بالأشعة فوق البنفسجية، وروبوتات للتمريض والمختبرات الطبية، وروبوتات لتوصيل الطعام في قطاع الضيافة والمطاعم، معتمدة على تقنيات ذكية تقلل نسبة الأخطاء وتزيد سرعة وجودة الخدمة.
وأكد أن الروبوتات أصبحت ركيزة أساسية في تحسين الكفاءة الصناعية والخدمية، إذ تسهم في رفع الإنتاجية وتقليل التكاليف التشغيلية وتحسين جودة الخدمات، إلى جانب خلق فرص عمل جديدة في مجالات البرمجة والصيانة وتحليل البيانات.
وأشار إلى أن تقبل المجتمع لفكرة الروبوتات ما زال يتطور تدريجيًّا، إلا أن التجارب الميدانية أثبتت أن التفاعل المباشر مع هذه التقنيات يزيد من مستوى القبول والاعتماد عليها، مع ضرورة تعزيز الوعي بدورها التكميلي للعنصر البشري وليس الاستبدال به.





