حقيبة ورق رؤية عمان ٢٠٤٠ -التركيز على المواطن اولاً

حمود بن علي الطوقي

تأملتُ كثيرا وأنا أقرأ هذه الاية الكريمة من سورة الملك الاية رقم ١٥ قوله تعالى: ﴿فَٱمۡشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزۡقِهِ﴾، ولا أدري ما الذي قادني لربط هذه الآية الكريمة بمرتكزات رؤية عُمان 2040. لكنني اجد الاية الكريمة بمثابة الدعوة إللا هية الواضحة التي تدعوا إلى السعي، والعمل، والاستفادة من خيرات الأرض… وهي ذاتها الدعوة التي نجد صداها في رؤية وطنية تستند في أولوياتها إلى “بناء الإنسان العُماني”، وتمكينه، وإعداده ليكون شريكًا في صناعة المستقبل، ومنتفعًا بخيرات الوطن .
أسوق في هذا المقام تطلعاتنا لرؤية عمان ٢٠٤٠ م. فحين أُطلقت هذه الرؤية لم تكن مجرد وثيقة تخطيطية طموحة، بل كانت بمثابة عقد وطني بين الدولة والمجتمع، خُطّت ملامحه بمشاركة واسعة من مختلف فئات الشعب العُماني. ومن بين أبرز مرتكزات هذه الرؤية، يأتي “بناء الإنسان” – هذا الإنسان الذي يُقصد به المواطن العُماني، كونه حجر الأساس في التنمية وغايتها في آنٍ معًا.
فيجب أن نذكّر الجميع. ان مهندس هذه الرؤية المباركة هو صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – الذي رسم الآمال، وحدّد المسارات، لتكون هذه الرؤية جسراً تعبر به عُمان إلى مصاف الدول المتقدمة. ووضع – أبقاه الله – الإنسان العُماني في قلب الرؤية، وأولويتها إيماناً منه بأنّ التنمية لا تتحقق إلا إذا كان الإنسان هو المحرّك لها والمستفيد الأول من ثمارها
اليوم، وبعد مرور خمس سنوات على انطلاق هذه الرؤية، نقف في منتصف الطريق ونرسم الامال بين ما تحقق وبين التحديات والطموحات. ونستدرج ما تبقّى من زمن لقطف ثمار الرؤية وهي بلغة السنوات 15 عامًا فقط، ونرى في الأفق أن عجلة الحياة تدور بسرعة وهذا الوقت المتبقي يجب أن نستثمره بذكاء وواقعية وصدق المشاعر مع الذات. مدركين أن الرؤية وضعت آمالاً كبيرة، ورسمت خارطة طريق دقيقة نحو مستقبل مزدهر، فما أراه أننا كمراقبين ومتابعين دائما نتغنى كثيرا في تكرار ذكر الرؤية في المحافل الرسمية وهذا وحده لا يكفي، ما لم يقترن بالفعل والعمل المخلص على الأرض الواقع وبتحقيق أثر ملموس في حياة المواطن اليومية.
حتما إنّ الرؤية كما أراد جلالته حفظه الله وضعت رفاهية المواطن العُماني في أولوياتها وهذا حق مشروع وهذا الحق المكتسب ليست ترفًا ولا خيارًا جانبيًا، بل هي جوهر النجاح الحقيقي لمتطلبات للرؤية. فحين يشعر المواطن بأنّ مرتكزات الرؤية تنعكس ايجابا لتطلعاته فسيشمّر سواعد الجد والاجتهاد بان يكون جهده ، وولاءه وتفاعله مع كل مسارات التنمية يتضاعف. ومن هنا، فإنّنا نرى ان فلسفة الرؤية ينبغي لها أن تضع المواطن العماني في الأولوية الكبرى، وأن تتمحور كل السياسات والبرامج حوله سواء في التعليم، والرعاية الصحية، والسكن، والدخل الكريم، وفرص العمل النوعي، والعدالة الاجتماعية.
إننا ندرك منذ انطلاق الرؤية وتوجه الحكومة لترشيد الإنفاق من أجل تقليص المديونية وإطلاق الحكومة خطة التوازن المالي فان المواطن العُماني شارك في ترجمة متطلبات خطة التوازن المالي، وتحمل إجراءاتها بكل وعي ومسؤولية، واضعًا عُمان فوق كل اعتبار. واليوم، من الإنصاف أن يُكافأ هذا العطاء بسياسات تنموية تنعكس إيجابيًا على حياته. فالمرحلة المقبلة يجب أن تُبنى على مفهوم التمكين وعلى الاستثمار في الإنسان كونه محور التنمية و هو الرقم الأهم فيها. ومهما بلغت جودة الخطط، فإنها بلا إنسان مُمَكَّن وسعيد، تظل ناقصة و حبراً على ورق.

زر الذهاب إلى الأعلى