تكَدَّرَ الصَّفْو

حمد الراشدي 
حمد الراشدي 


( بحر المُنْسرِحْ )

مرثاةٌ في الأخ الصديق المغفور له بإذن الله

السيد عبدالله بن حمد بن سيف البوسعيدي ،

الذي تقلّد عِدةَ مناصبَ وزارية ودبلوماسية

في عهد المغفور له جلالة السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله ،

ووافاه الأجل المحتوم مساء الإثنين ٢٤ يونيو ٢٠٢٤ م .

شعر : حمد الراشدي

[email protected]

مسقط

28 ذو الحجة ١٤٤٥ هـ – ٥ يوليو ٢٠٢٤ م

تَكَدَّرَ الصَّفْوُ ، رابَ والسّحَرُ

والليْلُ داجٍ ، فزادَ يعْتَكِرُ

نَعْيٌ سَرى والوُجُومُ صاحَبَهُ

حتى إذا بانَ عندَها الخَبَرُ

إهْتَزَّتِ النَّفْسُ هَزَّ مُوجَعَةٍ ،

وانْساحَ دَمْعُ الْعيونِ والْعِبَرُ

أبْلِغْ بِهِ فَقْداً حِينَ يُفجُعُنا

بِمَنْ لَهُ القَلْبُ كانَ يَعْتَمِرُ

بالوُدِّ قدْ قَرَّ بينَ أضْلُعِهِ

أوْلاهُ للنّاسِ حَيثُما عَمَروا

لكنَّ لِلْموْتِ قَوْلَ ناجِزَةٍ

أَمْرٌ جرى حِينَ لاتَ يُحْتَذَرُ

وكُلُّنا لِلآجالِ تَتْبَعُنا

والْحَيْنُ بِالرَّصْدِ ثُمَّ يَأْتَمِرُ

نَعودُ لِلرَّبَّ حيثُ يَجْمَعُنا

فَضْلاً لِمَنْ – بالجَنّاتِ – قد صَبروا

أقولُ لِلعَينِ جادَ ساكِبُها

يا عَيْنُ خلِّ الدّموعَ تَنْهَمِرُ

إنَّ الذي في الجِنانِ مَسْكَنُهُ

مِنْ خِيرَةِ الصُّحْبِ كانَ يُعْتَبَرُ

والْ ” عَبْدُ لِلْٰهِ ” عاشَ مُلْتَمِساً

لِكُلِّ عِلْمٍ دعا ، ويَبْتَدِرُ

عَرفْتُهُ والزَّمانُ مَدْرسةٌ

ذا وَلَعٍ بالخطوطِ يَسْتَطِرُ

دَوْماً يَرى في الْكِتابِ جَوْهَرَهْ

ويَعْمَلُ الْجُهْدَ كيفَ يَنْتَشِرُ

في مَرِّ أيّامهِ أحَبَّ لها

ذخائرَ العِلْمِ حيثُ تَسْتَتِرُ

فراحَ في الجَمْعِ مِنْ مَصادِرها

تَعَهَّدَ الغُصْنَ فانْبَرى الشَّجَرُ

أقامَ لِلْجيلِ صَرْحَ مَكْتَبةٍ

حتَى ينالَ العُلومَ مَنْ حَضَروا

تَتَبَّعَ الشِّعْرَ في مَدائحِهِ

لِلْمُصْطفى ، ثُمَّ جَدَّ يَنْتَصِرُ

لِلْحِفْظِ مِنْ حَيْثُ كانَ أفْضَلَهُ

لِلْعِلْمِ والنَّشْرِ ، فيهما وَطَرُ

أَلخَطُّ نالَ اهْتِمامَهُ وغدا

بِالشِّعْرِ والْإبْتِهالِ يَزْدَهِرُ

أبا ” مُحمّدْ ” تَرَكْتَ جامِعةً

أسّسْتَها ، والآدابُ تَفْتَخرُ

حَرَسْتَها والْتَزَمْتَ أرْوُقَها

لِلْجيلِ نورٌ يُضيءُ إذْ نَظروا

طُلّابُها يَذكُرونَ دَوْرَكُمُ

وهُمْ هُمُ لِلْمُرادِ ما فَتِروا

عَزْماً ، فَهُمْ ب ” الشّرْقِيَّةِ ” اعْتَمروا

عِلْماً ، وما غابَ عَنْهُمُ القَمَرُ

كمْ مَجْلِسٍ قد كفَلْتَ مَوْسِمَهُ

وباتَ حَبْلاً يَشُدُّ مَنْ عَمَروا

بالْفِكْر أذْهاناً طَوْعَ ما شُغِفوا

مَعْرِفةً في الفؤادِ تَخْتَمِرُ

وقدْ أقَمْتَ ” الصّالونَ ” مُبْتَغِياً –

بِمِصْرَ – جَعْلَ التُّراثَ يَشْتَهِرُ

ورُحْتَ تَدْعو لكلِّ مُنْتَجَبٍ

يَفيضُ بالعِلْمِ ، نِدُّهُ النَّهَرُ

مُغْتَنِماً كُنْتَ كُلَّ سانِحَةٍ

تَسْمو بها الآدابُ والْفِكِرُ

وذا مُحَيّاكَ زانَهُ خُلُقٌ

تَنَبَّلَ اللطْفُ فِيكَ والصُّوَرُ

زَكَوْتَها ، والأخلاقُ حاكِمةٌ

تَزْهو بها ، والسّاعاتُ والْعُمُرُ

صِرْتَ إلى حيثُ صارَ مَنْ سَبقوا

في عُهْدةِ الحقِّ جَلَّ مُقْتَدِرُ

طِبْتَ الثَّرى ، ثُمَّ مِنْه مَغفِرةً

فالخُلْدُ مَأْواكَ ، دارُ مَنْ شَكروا

زر الذهاب إلى الأعلى