أوراق الخريف.. أولمبياد باريس المثير للسخرية.. والنتائج العربية

د. أحمد بن سالم باتميرا
ودعنا دورة الألعاب الاولمبية باريس 2024 ، بحلوها ومرها ، هناك من توج بميداليات ، وهناك من حضر لرفع العلم والمشاركة بالبطاقة البيضاء ، وهناك من حاول ووصل للأدوار النهائية ، ولكن الخبرة ظلمته امام ابطال كبار، والوصول للقمة ليس سهلا ، وهو عادة وكلام العرب

ولن اتحدث عن حفل الختام ، ولا عن حفل الافتتاح الذي لم يكن بالصورة اللائقة ، وتعرض للانتقاد من الرياضيين والسياسيين ومعظم المجتمعات والشخصيات الدينية على مستوى العالم ، لما حمله من مشاهد لا تليق بالالعاب الاولمبية ورسالتها السامية.

فمنذ تأسيس الألعاب الحديثة على يد “بيير دي كوبرتان” في عام 1896، كان الهدف الأساسي هو تعزيز التفاهم الثقافي والسلام بين الأمم من خلال الرياضة وروحها الجميلة ، فالالعاب هي فرصة لجمع الرياضيين من جميع أنحاء العالم للتنافس بروح رياضية واخلاقية ، وماحدث في افتتاح أولمبياد باريس فهو شيء مثير للسخرية بكل قيمها الانسانية ، وسيبقى في الذاكرة كأسوأ افتتاح مثير للجدل والانقسامات.!

اليوم ، الدول تحتفل بإنجازات منتخباتها ، وما حققه أبناؤها في الدورة الثالثة والثلاثين ، فالاولمبياد تبدأ بأهازيج للمشاركين ، وهم يرتادون زيهم الوطني التقليدي ، وتنتهي بنهايات حزينة وعثرات للبعض وافراح للاخرين ، فالأحلام تبخرت ، وطارت الطيور بأرزاقها ، البعض بالذهب او الفضة او البرونز الاولمبي.

ونجح الرياضيون العرب في إحراز سبع ميداليات ذهبية ، واربع فضيات وست برونزيات ، وتعود الميداليات الذهبية بكل جدارة واقتدار لكل من مملكة البحرين والجزائر وتونس والمغرب ومصر ، وبكل حال ، تحقيق هذه الدول للميداليات مفخرة لكل العرب ، فيما حققت الاردن فضية وقطر برونزية ، وهو نتاج مخاض طويل من الإعداد ، فالفوز ليس له علاقة بعدد السكان او كبر حجم الدولة او مساحتها ، بل الأمر يتطلب فكرة واتحادا ورؤية واعدادا، وتخصص في رياضات معينة تناسب ثقافتنا وشبابنا وطبيعتنا ومناخنا وتضاريس بلداننا.

فمع السقوط الأخلاقي والإنساني في الأولمبياد يتواصل السقوط العربي ، وأخفق الرياضيون العرب في تحقيق ما انجزوه في اولمبياد طوكيو 2020 بعد ان حققوا أفضل عدد من الميداليات المتنوعه في تاريخ مشاركات الدول العربيه في الألعاب الأولمبية برصيد 18 ميداليه متنوعة ، رغم ان الذهب في باريس اكثر..!

فالانجازات تاتي نتيجة اعداد واهتمام ودعم ومتابعة من اللجان الاولمبية الوطنية ، فالابطال والبطلات لا يولدون جاهزين وفي أفواههم ملاعق الذهب. ، واليوم لا تنفع التبريرات والحجج المعتادة ، فهناك دول صغيرة جدا شاركت وحصدت ميداليات ، وهناك دول ليس لها علاقة برياضة محددة ، ولكن تخصصت واستعدت ونجحت في مقارعة الكبار.

في النهاية، يجب أن نتذكر أن الهدف من الأولمبياد هو المنافسة وتحقيق الميداليات ، وليس المشاركة والحضور ، فالتقليد القديم انتهى ، والمحاسبة ضرورية لاي لجنة اولمبية او اتحاد رياضي عربي ، فكيف لا وهناك دول لا تملك ما نملكها نحن العرب ، وحققت ميداليات (كاب فيردي ، بيرو ، زامبيا ، كينيا ، واوغندا ، سان لوسيا ، تايبيه ، الدومينيكان ، جواتيمالا ، بتسوانا ، دومنيك) ليس تقليلا منهم بل تاكيد بأن البطل يجهز ويبنى للاولمبياد بعد ختام كل دورة اولمبية.

عموما ، خلال مشاركتي وحضوري لاولمبياد اتلانتا وسيدني واثينا وبكين ومتابعتي للندن وطوكيو وباريس ، كان الطموح الوطني والعربي أحيانا كثيرة لا يتخطى طموح المنافسة الحقيقي مع الابطال ، بل المشاركة من اجل المشاركة ، فمتى ياتي اليوم الذي نحتفل فيه بالأبطال والانجازات الاولمبية والرياضية ، فالانتقادات تأتي انطلاقاً من حبنا ، لرياضيينا العرب ، سواء من السلطنة او الدول الاخرى ، ولدينا الفرصة للتميز في لعبات محددة .. والله من وراء القصد.

batamira@hotmail.com
كاتب ومحلل سياسي

زر الذهاب إلى الأعلى