أهمية دفع الكفاءات الوطنية في بناء اقتصاد تنافسي ومستدام

حمود بن علي الطوقي

على مدار الخمس و الخمسين عامًا الماضية، أثبت المواطن العماني قدرته الكبيرة على العمل في مختلف الظروف والتكيف مع التحديات. اليوم، يمكننا القول بكل ثقة إن العماني بات قادرًا على إدارة أي مؤسسة بكفاءة عالية، متسلحًا بمهاراته وقدراته التي اكتسبها عبر سنوات من العمل والتعلم في مختلف المجالات. الكفاءات العمانية أثبتت نفسها مرارًا وتكرارًا، متى ما أتيحت لها الفرصة، وهو ما يشير إلى قدرتها على تلبية احتياجات السوق وإدارة المؤسسات بفعالية، سواء كانت حكومية أو خاصة.

وفي إطار تعزيز هذه القدرات الوطنية، لا يمكن إغفال الاهتمام الكبير الذي يوليه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه للكوادر العمانية. ويسعى باستمرار إلى دعمهم وتوفير الفرص المناسبة لهم. ففي اجتماعه الأخير مع مجلس الوزراء، وجه جلالته بتخصيص مبلغ 50 مليون ريال عماني لدعم ملف الباحثين عن عمل، وهي خطوة تعكس حرصه الشديد على حل ملف الباحثين عن العمل الذي اصبح مثقل بهموم شبابنا المتخرج من اعرق الجامعات وصرفت له الحكومة لكي تراه في موقع ريادي لخدمة البلاد ولا ترغب ان تراه في طابور طويل ينتظر فرصة العمل تمتد لسنوات طويلة ، لهذا جاءت التوجيهات السامية بتخصيص مبالغ اضافية بهدف توظيف العمانيين والعمانيات وتمكينهم في سوق العمل. هذه الخطوة بلا شك ستساهم في تحريك ملف الباحثين عن العمل، ولكن يبقى السؤال: كيف وصل عدد الباحثين عن العمل في السلطنة إلى 100 ألف، بجانب وجود 20 ألف موظف مسرَّح؟ هذا الواقع المؤلم هو ما دفع جلالته لاتخاذ هذه المبادرة السامية.
وبالرغم من أن الأرقام تعكس تحديات كبيرة، فإن الحلول موجودة، ويجب أن نبدأ في تنفيذها بشكل فعال. ولا ينبغي أن نشاهد الوافدين يزاحمون العمانيين في الوظائف، خاصة في الأعمال التي يمكن للعماني أن يبدع فيها بكل كفاءة واقتدار لهذا يجب أن تكون هناك سياسات تشغيل واضحة وتستند إلى مبدأ الاستدامة وتدعم التنافسية.
لقد سبق وأن تحدثت في مقال سابق عن أهمية تولي العمانيين للمناصب القيادية في مختلف القطاعات، ولا سيما تلك التي أبدعوا فيها مثل البنوك، النفط والغاز، الاتصالات، واللوجستيات. ومع ذلك، نلاحظ أن بعض المناصب القيادية لا تزال تُشغل من قبل الوافدين.
وفي هذا السياق، أثارت مداخلة رجل الأعمال المعروف في احدى المنصات المتخصصة تساؤلًا مهمًا استلهم من مداخلته هذا الطرح حول وجود العمالة الوافدة في مناصب قيادية بالاقتصاد العماني. تساؤله كان واضحًا: لماذا لا نعمل على إحلال هذه العمالة بأيدٍ عمانية؟ هل المشكلة تكمن في التشريعات؟ قد يكون هناك قصور في بعض التشريعات التي تحتاج إلى التطوير لضمان استدامة فرص العمل للعمانيين. لهذا وضع حلولا وهو رجل له خبرات متراكمة ويعرف احتياجات السوق وقال : ” لكي نحقق تنمية مستدامة، يجب أن نضع سياسات داعمة لرفع إنتاجية الإنسان العماني وتعزيز قدراته. وهذا لا يتأتى إلا من خلال تشريعات تدعم الإنتاجية في مختلف المؤسسات، سواء كانت خدمية أو ربحية، حكومية أو خاصة. تحسين الإنتاجية سيؤدي إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وتوسيع قاعدته، مما يجعل البلاد أكثر جذبًا للاستثمارات. ومن الضروري أيضًا بناء موارد بشرية عمانية عالية الكفاءة والإنتاجية من خلال تقديم برامج تدريبية وتأهيلية مستمرة، مع التركيز على المهارات التقنية والفنية اللازمة للوظائف المستقبلية.
وفي ختام هذا المقال، نقول ان المسؤولية الكبرى تقع على عاتق صناع القرار في تمكين الكفاءات الوطنية. و يجب أن نرى قرارات تتناغم مع تطلعات المواطن العماني وتساهم في تحقيق رؤيته لمستقبل أفضل. إن الاستثمار في العماني ليس خيارًا بل ضرورة وطنية لبناء اقتصاد قوي وتنافسي ومستدام، يكون فيه العماني الخيار الأول لقيادة المستقبل.
لهذا فادت الدعوات قائمة من جميع الاطراف انه آن الاوان لتوسيع السوق باستقطاب رؤوس اموال كبيرة واقامة المصانع العملاقة والبحث عن مصادر جديدة تكون قادرة على استقطاب المئات من فرص العمل فهل سنرى ذلك ممكنا خلال لسنوات القليلة القادمة مع الاعتبار ان هذه المطالب تندرج ضمن رؤية عمان ٢٠٤٠

زر الذهاب إلى الأعلى