النقطة الزرقاء
سهوب بغدادي
أجرت جامعة هارفرد تجربةً على عدد من الأشخاص تكمن في عرض صور نقاط زرقاء تخللتها نقاط بنفسجية اللون، وطُلب من الأشخاص تحديد النقاط الزرقاء فور ظهورها على الشاشة، بلا شك، نجحوا في المهمة، مع مرور الوقت، قلل القائمون على التجربة عدد النقاط الزرقاء الظاهرة على الشاشة مع الإكثار من تلك البنفسجية، فما كان من الخاضعين للتجربة إلا أن يختاروا النقاط البنفسجية ذات اللون الداكن والمقارب لدرجات الأزرق، فمن خلال التجربة اتضح أن الأشخاص ينحازون عن الأساس أو الهدف عقب التعرض المكثف لشيء ما، وهي إحدى الألاعيب التي يمارسها العقل البشري ويخلق بها مشكلة من العدم، إذ عرض العلماء صورًا لأشخاص يمتلكون ملامح إجرامية أو خطيرة وتخللتها صور أشخاص ذوي ملامح مسالمة أو معتادة، فنجح العديد من الأشخاص في استخراج الوجوه الإجرامية، مع مرور الوقت، وعلى غرار ماحدث مع النقطة الزرقاء، تم تقليل ظهور الوجوه الخطيرة، فبدأ الأشخاص باختيار الوجوه المسالمة وتصنيفها كخطرة، من هنا، خلصت الدراسة إلى أن العقل البشري يخلق المشاكل لمحاولة حلها، وأقرب مثال حي على تأثير النقطة الزرقاء هو أن الأغنياء ومن يعيشون حياة البذخ قد يخلقوا إشكالية لا وجود لها “لا أملك جاكوزي” في قصري الفاره، وقس على ذلك من الأمور اليومية التي تعترضنا، فالبعض يخلق من “الحبة قبة” والأمر لايستدعي ذلك التضخيم والمبالغة، في هذا الصدد، أرى أن شكر النعم من أهم الأمور التي تساعد الشخص في تفنيد تداعيات هذا التأثير المحقق لا محالة في إطارات الحياة، وأن الوعي يحمينا من الانصياع للتحيز أو التعميم، أو ببساطة المحافظة على الذات من الوصول إلى مرحلة التعرض المفرط لكيلا تدخل في متاهات لا حصر لها.