رؤى جديدة لتحقيق الاستقرار الأسري
د. يوسف الشريف
استحداث وزارة للأسرة في الإمارات، يُعدّ نقلة نوعية تعكس رؤية القيادة الإماراتية لتعزيز استقرار الأسرة، باعتبارها العمود الفقري للمجتمع، لكن هذه الخطوة الطموحة تتطلب نهجاً استباقياً وابتكارياً لتقديم حلول واقعية تعالج تحديات الأسرة المعاصرة.
دور هذه الوزارة لا يقتصر على معالجة الأزمات الأسرية القائمة، بل يجب أن يمتد ليشمل تعزيز التماسك الأسري من خلال برامج وطنية شاملة تدعم التوازن بين الأدوار بالأسرة، وتأهيل المقبلين على الزواج لمواجهة تحديات الحياة بروح من المسؤولية والشراكة. ويمكن للوزارة أن تطلق برامج لتطوير مهارات الحوار، وحل النزاعات، بما يسهم في بناء أسر مستقرة ومتماسكة.
وتمثّل مراجعة التشريعات المتعلقة بالأحوال الشخصية إحدى أهم المهام المطلوبة، لضمان انسجامها مع التغيّرات الاجتماعية والثقافية، كقوانين الحضانة والنفقة، على سبيل المثال، إذ تحتاج إلى مراجعة تضع بالاعتبار ضمان حقوق المرأة والأطفال، وتقديم آليات مرنة تعزز العدالة والمساواة.
وفي ظل الضغوط المتزايدة التي يفرضها تداخل الحياة المهنية مع الأسرية، تأتي الحاجة إلى سياسات تدعم التوازن بين الجانبين. يمكن للوزارة أن تتبنى مبادرات تقدم حوافز للشركات التي تطبق نظام ساعات العمل المرنة، ما يمنح الآباء والأمهات الوقت اللازم لرعاية أسرهم.
أما على صعيد الابتكار، فإن استخدام التكنولوجيا الحديثة يمكن أن يُحدث تحولاً جذرياً بدعم الأسر. ويمكن تطوير منصات رقمية تقدم استشارات أسرية فورية عبر الذكاء الاصطناعي، تتيح للأسر الوصول إلى حلول لمشكلاتهم بشكل سريع ودقيق. ويمكن إطلاق برامج ميدانية تصل إلى الأسر بالمجتمعات المحلية، لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي.
ولأن الأسرة هي جوهر المجتمع، فإن إشراك أفراد المجتمع في تصميم سياسات الوزارة يمثّل خطوة حيوية. ويمكن أن تنظم الوزارة لقاءات دورية تجمع بين الأسر وصنّاع القرار، تُتيح الفرصة لفهم التحديات التي تواجهها الأسر، وتقديم حلول لها.
رؤية الوزارة يجب أن تركز على بناء أسرة متماسكة قادرة على التكيّف مع تحديات العصر، والحفاظ على القيم الإماراتية. والنجاح بهذا المسعى لن يقاس بكم القرارات الصادرة، بل بقدرة الوزارة على إحداث تغيير حقيقي بواقع الأسر.