لقاء الأحبة في رحاب بركاء ثغر الباطنة الباسم

——————-
رفاق الكتاب والقلم على المحبة يلتقون
——————-
حسن بن علي البلوشي

يختال الفرح أمام أعيننا وجذلى تشق البسمة على شفاهنا أساريرها ، نلتقي اليوم جميعا خريجي المغرب بعد أمدٍ بعيد ، فَرّقتنا مشاغل الحياة فجمعتنا عشرة السنين العامرة بالمحبة والخير ، بعضهم تخضّبت لحيته بياضاً بنقاء السريرة والبعض منهم تغيرت ملامح مُحيّاهم لكن قلوبهم بقيت ناصعة كالبفتة بياضاً يكشف عن معدنٍ أصيلٍ لايصدأ بتقادم الأيام ودهاليز السنين بين وجدة النوارة ورباط الخير والعاصمة العلمية فاس ومراكش الحمراء والبوغاز طنجة قبل أربعون عاما ونيف كانوا هناك رفاقا ونعم الرفاق ، جمعنا الكتاب وسَطّرَنا القلم قلباً واحداً يعتمل الخير بين دفقات نبضه وسكنات راحاته ، وهنا اليوم في رحاب بركاء الجميلة ثغر الباطنة الباسم نسرد حكايانا القديمة بشوق جديد ، بدعوة كريمة من لدن الأخ الكريم الزميل سعيد السيابي يجتمع الصحب رفقاء درب العلم والمعرفة في أمسية جميلة ، هنا التقينا اليوم في رحاب مزرعة راحة النفوس نستذكر في هذه الأمسية أحلى أيام العمر في المغرب السعيد مستهل الثمانينيات نستعيد ماضٍ بعيد نحسبه أمس قريب ، هناك كنا نرتشف جغمات آتاي بين تدفقات نهر أبي رقراق وأكماة إفران المتلفعة شالاً قرمزيا تلالها تشع بياضا من الثلج يفترش تلك الربوع الآسرة بالجمال الأمازيغي وإطلالات البوغاز طنجة منها نحتضن الجمال الأندلسي على زرقة المحيط في تطوان نطرب على تجليات أنغام عبد الصادق شقارة ، في تلك الربوع توسعت مداركنا هناك في أزقة الرباط بين أرصفة الصحف وشجيرات قهوة باليما نحتسي قهوة مهرسة نقضم أطراف كعب الغزال المغموس بماء الزهر نتذكر مطعم صيدون اللبناني ومكتبة كليلة ودمنة وقلعة الأوداية وصومعة حَسّان وديور الجامع ، نتذكر أكدال ودروب فال ولد عمير حيث يسكن الزملاء غير بعيد عن مسرح محمد الخامس الذي كان يعج بالملتقيات الأدبية محمود درويش و محمد الأشعري وأدونيس ومهدي المنجرة ومحمد بنيس وغيرهم من رموز الشعر والأدب والفكر تشرّبنا بخلجات فكرهم وتدفق عطائهم ، وفي فاس المعتقة بالتراث الإنساني يفوح عبق تاريخ جامعة القرويين وباب الورد وباب الفتوح وجنان السبيل ، كل صباح كنا نشق طريق الليدو والأطلس منحدرين من حي السعادة ومنفلوري والأدارسة وطريق موزار الى كلية الحقوق في جامعة محمد بن عبدالله ومن فاس الى النوارة وجدة في جامعة محمد الأول المتربعة على ضفاف الجبال الفاتنة الخضرة والسهول الآسرة جمالاً وشواطئ منتجعات السعيدية الحسان .
هناك في نزل سيمون بوجدة كان ملتقانا الأول دفعة وجدة ومنه انطلقنا نشق دروب المعرفة ، نجد أنفسنا اليوم على أعتاب الستين إشتعل الرأس شيباً وتعاظمت صروف الحياة ، لكنّ جمال النفس ظل يطرب خوافق القلوب شوقا الى تلك الأيام الجميلة بأناسها الطيبين خالية من كل تكلف وتصنع ، شكرا لمن جمعنا على الخير أخينا الكريم سعيد السيابي نجدد له عاطر التحية وبالغ التقدير على الحفاوة والتكريم ، والشكر موصول للسراج المضيئ زميلنا الجميل حمود الطوقي الذي يوصل الخيوط الذهبية في قالب عماني زاهي اللون من خلال مجموعة أكدال والمغرب الفاسي ، وتحية لجميع الزملاء الأماجد رفاق الكتاب والقلم في المغرب ، نلتقي دوما بإذن الله على الخير ، منعّمين بالصحة والسعادة والعمر المديد .

الأربعاء ٨ من يناير ٢٠٢٥م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى