عائشة الأخرى
يونس بن مرهون البوسعيدي
بسم الله الرحمن الرحيم
تعزية إلى المشائخ بدر الدين سماحة المفتي الشيخ أحمد بن حمد الخليلي وأبنائه وعائلته الكرام، والمشائخ محمد بن عبدالله بن علي الخليلي وإخوته وبيت آل الخليلي في وفاة الشيخة زوج سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي إبنة الشيخ عبدالله بن علي الخليلي رحمها الله تعالى.
- يونس بن مرهون البوسعيدي
———————
( عائشة الأخرى)
اِرفعوها من سماءٍ لسماءْ
بيتُها كان صلاةً ودُعاءْ
وجهادًا في سبيل الله، بل
حِلَقٓ الذِكْرِ، ومأوى الضعفاءْ
بيتُها بيتٌ إلى العرشِ عَلا
فهو في الأرض سماءٌ للسماءْ
بيتُها ما نقصتْ فيه سوى
أنّ جبرائيلَ بالقرآنِ جاءْ
إنّها بنتُ وزوجُ العُلماءْ
إنها أختُ السَّراةِ الكُبراءْ
إنّها أمُّ الذين استُخلِصوا
من لُبابِ الأنقياءِ الأتقياءْ
إنها جارةُ أختي عندما
قدّرَ اللهُ عليهنّ البلاءْ
فإذا أذكرُ ذي أذكرُ ذي
قدّر اللهُ علينا ما يشاءْ
حملوها فرأينا موكبًا
لعزاءِ الشمسِ آن الانطفاء
والعماماتُ أكاليلٌ لها
نجباءٌ صلحاءٌ علماءْ
خُشّعًا قد حملتْ أكتافُهم
مَنْ تُفدّى لو يرى الموتُ الفداءْ
يحفرونَ القبرَ أم يُحفر صدري
مِنْ صدى المسحاةِ في قلبي دماءْ
يا الذي ألحَدَها في قبرها
هل تشمُّ الطيبَ، قد فاح الشذاءْ
قبرَها هل صرتَ إلا روضةً
تُنظَرُ الخُلدُ بها صبحَ مساءْ
قلبَ بدرِ الدِّين لا تجزعْ أسًى
هل أُوصّي مَنْ به الإسلامُ ضاءْ
فإذا عينُك ساحتْ حزَنًا
مثلما مِنْ خشية الله بكاءْ
وإذا تنظرُ مشتاقًا إلى
طيفِها أمسِكْ مِنَ الله الرجاءْ
دمع سجّادتِها، مسباحها
يا قيام الليل، كونوا شهداءْ
عائشٌ أثوابُها مِنْ مصحَفٍ
نورُها سترٌ، وإنْ شعّتْ سناءْ
إنّها مريمُ لمّا استحسنوا
أن يقولوا كنبيٍّ في النساءْ
إنها فاطمة الزهراء لَمْ
ترَها المرآةُ مِنْ فرط الحياءْ
وخديجٌ زمّلتْ صاحبَها
والخليليُّ بنهج الأنبياءْ
ما رآها بَعْدَ أرحامٍ سوى
طالباتِ العِلْمِ أو راجي السخاءْ
صمتُها فكرٌ وذِكرٌ نُطقها
هكذا النخلة عذقًا ولِحاءْ
للعمانياتِ كانت قدوةً
حبذا والله ذاك الاقتداءْ
يالَها (السبحيّةُ) اشتاقتْ إلى
طِفلةٍ بين أُسودٍ وظباءْ
رجّعتْ جدرانُها ضحكتَها
هكذا الذكرى حنينٌ ونداءْ
فتظنّ الأفقَ أحداقًا، فما
جهةٌ إلا رأتْها بجلاءْ
يا أخاها يا أبا القاسمِ لا
يُخلعنْ قلبُكَ مِنْ هول القضاءْ
إنّ فقدَ الأُختِ كاليُتم، فكم
يوجع القلب وكم عَزّ العزاء
قسمًا بالله لا ييبسُ جفني
كيف لي من وجع الموت شفاءْ
رحماتُ اللهُ تغشاهنّ. لي
أضلعٌ من موت أختي كربلاءْ
ربّنا ارحمْ مَنْ غدوا في قبرِهم
سُحُبًا تلقى بها الأرواحُ ماءْ
رحماتُ الله تغشى عائشًا
وجزاها الله من خير الجزاءْ