“أَلَا يا ساحل البحرين”

حمود السيابي

——————————-
حمود بن سالم السيابي
——————————-
ذات غوص … نزلْنا البحر معاً
وانتظرنا الطواويش يقايسون أحجام الدَّانات فقاربْنا الأثْمان والمُثَمَّنات.
ذات إبْحارٍ … نشرْنا الأشرعة معاً وكان لنواخذتنا نفس التَّنَاص في الحكايات المالحة والموصولة بصَخَبِ الموانئ ووميض المنارات.
ذات أمسٍ بعيد بعيد بعيد عمَّدْنا بالمِسْحَاة محبَّتنا مع الأرض فَفَسَلْناها نخْلاً كريماً اسْتطال مع الأعمار في قصائدنا ، وتأرجح في لوحاتنا كل قيظ مع لًفْحَة الغربي وهَبَّة الكوس.
وكانت لأكفِّنا ذات الأوسمة من سِلَّاء السَّعْف ، ولأرجلنا ذات السَّحاليف من الكَرْبْ المُتَحَفِّزْ.
وعندما شَرَعْنا في التعمير والبناء كان لا بد من أن تتوارد خواطرنا ونحن نضع حصاة فوق حصاة ، ونَرَصّ جَصَّا بِجَصٍّ فنسْتَفْتِح مدننا بالبوابات ليدخلها الآمنون بسلام.
وتحت ديمة من كل هذه المشتركات يحلُّ جلالة العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة ضيفاً كبيرا على مولانا الهيثم بن طارق المعظم فتستقبله عمان بمفردات الأمس المرقَّش بالبحر والشراع والدَّقل والنخل السامق.
ومن قصر “الصخير” العامر إلى قصر “العلم” العامر … ومن باب البحرين إلى الباب الكبير بمسقط … ومن منارة جامع السلطان قابوس الأكبر إلى منارة مسجد “فريج الفاضل” ستتكرر مسقط والمنامة ومطرح ومحرّق وبوشر والرفاع.
وتتوالى عبر الدرب العابق ب”ريحَة هَلْنا الطيبين” البيوت البيضاء والدرايش المموسقة بقطرات جحلة الماء وزفّة “المشموم” وصفِّ النخيل المَرحِّب وقد أسدل السعفات.
ولربما لن يَسْتَشْعِرَ الضيف الكبير ذلك الفارق في المشاهد المتشابهة سوى في عُلوِّ الجبال التي تضفي الجمال والمنعة والدفء ، وسوى كثرة القلاع التي تتوِّج القمم كرماح عالية للملاحم الناطقة.
ومن حسن الطالع وسُعْد المطالع أن تجيء الزيارة السامية الكريمة لجلالة العاهل البحريني لسلطنة عمان لتستفتح بها مسقط والمنامة العام الجديد الواعد بالكثير.
وستضاف هذه الزيارة إلى الميراث الذي راكمتْه اللقاءآت والزيارات المتبادلة بين البلدين لأكثر من نصف قرن.
وكما في كل مرة سيضيف البلدان مِدْماكاً جديدا يوثق الروابط ويعزز أوْجُه التعاون ويبني على ما سبق.
وإلى جانب كل ذلك فزيارة الدولة هذه تتسم بأهمية كبيرة كونها تتم في ظرف سياسي عربي وإقليمي ودولي دقيق يتطلب عقد مثل هذه اللقاءات بين القادة للتشاور في كل ما من شأنه استقرار المنطقة.
وكما كنَّا ذات غوصٍ معاً.
وذات عناقٍ للمرافئ معاً.
وذات فَسْلٍ للنخل معاً.
سيظل حزام الخنجر يجمعنا بالتقاء الطَّرَف والطرف.
لنظل بامتداد الأزمان معاً .
——————
مسقط في ١٣ يناير ٢٠٢٥م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى