حقيبة ورق

القوى الناعمة لعُمان… إشعاع معرفي في معرض عمّان الدولي للكتاب
حمود بن علي الطوقي
من العاصمة الأردنية عمّان، أطل عليكم بمقالي عن حضور سلطنة عُمان المتميز كضيف شرف في معرض عمّان الدولي للكتاب، الدورة الرابعة والعشرين، الذي أقيم تحت شعار “القدس عاصمة فلسطين الأبدية”. في رحاب هذا الحدث الثقافي البارز، تألقت السلطنة حاملةً عبق التاريخ وثراء الثقافة وعمق الانتماء العربي، وكان حضورها لافتًا للأنظار، ليس فقط بجناحها المتميز الذي احتضن كنوز الفكر والمعرفة، بل أيضًا بما عكسته الفعاليات والجلسات الحوارية من حضور فاعل لعُمان في المشهد الثقافي العربي.
في جناح السلطنة تجسّد التراث بأبهى صوره؛ من “قاموس الشريعة” إلى “الموسوعة العُمانية”، مرورًا بسلسلة من المؤلفات التي أسهم بها العلماء والمفكرون العُمانيون عبر العصور. تلك المؤلفات لم تكن مجرد كتبٍ على رفوف، بل شواهد على رحلة فكرية وحضارية شاركت بها عُمان في صياغة الوعي العربي والإسلامي. وقد تزين الجناح العماني بإصدارات رصينة لجهات حكومية ومؤسسات ثقافية مرموقة، مثل وزارة التراث والسياحة، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ومكتب الإفتاء، ووزارة الثقافة والرياضة والشباب، وإصدارات وزارة الإعلام، إلى جانب منشورات النادي الثقافي، وجمعية الكتّاب والأدباء العُمانيين، فضلًا عن مشاركة دور النشر العُمانية التي نقلت إبداعات الكُتّاب الشباب وتجارب الأقلام الواعدة. وقد كان لمشاركة مجلة مرشد للأطفال حضور مميّز، كون المجلة تعبر عن أدب الناشئة واليافعين في سلطنة عمان.
ولم يقتصر التميز العُماني على الكتب فحسب، بل شمل الضيافة العمانية الأصيلة، حيث تم تقديم الحلويات العُمانية للزوار، ما أضفى بعدًا عن كرم الضيافة العُمانية المتجذرة في الثقافة الوطنية. كما أضاف اللباس العُماني الزاهي حيوية وجمالًا للجناح، فكان حضور السلطنة بين الأجنحة الأخرى ملفتًا للنظر وجاذبًا للزوار، ليعكس روح الأصالة والعراقة في آن واحد.
وقد عبّر معالي مصطفى الرواشدة، وزير الثقافة الأردني، الذي رعى حفل الافتتاح، عن اعتزازه بالمشاركة العُمانية كضيف شرف في هذه الدورة، مشيدًا بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع سلطنة عُمان والمملكة الأردنية الهاشمية، ومؤكدًا أن المثقف العُماني يشكّل جسر عبور حضاري للتواصل مع مختلف الثقافات، بما يحمله من وعيٍ ورؤية منفتحة rooted في أصالة عُمان وامتدادها العربي.
كما أشاد معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي، وزير الإعلام، خلال تجوله بين أجنحة دور النشر المشاركة، بحرص السلطنة على أن تكون مشاركاتها في معارض الكتب العربية متميزة وفاعلة، مؤكّدًا أن الحضور العُماني حين يكون ضيف شرف، فإنه يترك بصمة مضيئة تجعل المشاركة الأبرز والأكثر ثراءً من حيث المحتوى والرسالة.
أما الجلسات الحوارية التي نُظمت على هامش المعرض، فقد ذهبت إلى عمق القضايا الأدبية والفكرية، لتسلّط الضوء على مكانة عُمان ودورها الفاعل في إثراء الثقافة العربية، مؤكدّة أن الحضور الثقافي العُماني ليس طارئًا ولا عابرًا، بل هو امتداد لإرث أصيل وإسهام متجدد. وقد لاقت الإصدارات العُمانية استحسان القراء والباحثين، لتؤكد أن الكتاب العُماني قادر على أن يحجز لنفسه موقعًا متقدمًا في المكتبة العربية.
مشاركة السلطنة في هذه التظاهرة لم تكن مجرد حضور رسمي، بل كانت نافذة أطلّت منها عمّان على عُمان، ونافذة أخرى تطل منها القدس على قلب كل عربي. ولعل هذا التمازج الروحي بين عنوان المعرض ومكانة ضيف الشرف، أضفى بعدًا وجدانيًا خاصًا على الفعالية، جعل من الحضور العُماني حدثًا ذا قيمة رمزية وثقافية معًا.
لقد أكدت عُمان، من خلال هذه المشاركة المشرّفة، أن الثقافة هي جسرها الأجمل نحو الآخر، وأن الكتاب يظل سفيرها الدائم، يعبّر عن وجدانها، ويجسد رسالتها في المحبة والتواصل والإبداع.
وفي ختام هذا المقال، تتقدّم كلمات الشكر والتقدير إلى وزارة الثقافة والرياضة والشباب على جهودها المتميزة في إبراز السلطنة كوجهة ثقافية بارزة وقوة ناعمة مؤثرة، من خلال مشاركتها الرائدة في معارض الكتب، ما يعكس حرصها الدائم على نشر المعرفة وتعزيز مكانة عُمان في المحافل العربية والدولية.





