الابتسامة التي قاومت الألم لتزرع الأمل… في وداع الوالد راشد الخايفي

حمود بن علي الطوقي

ودعت سلطنة عمان هذا اليوم السبت ٤ أكتوبر ٢٠٢٥ المربي الفاضل الأستاذ راشد بن محمد الخايفي الذي انتقل إلى جوار ربه، تاركًا خلفه سيرة نقيّة وعطاءً مستمرًا في ذاكرة التعليم العُماني.
كان الأستاذ راشد مثالًا للمعلم الصادق والإنسان الطيب، مبتسمًا حتى في لحظات المرض، حاملاً في قلبه حبًّا للجميع، وصاحب أثر باقٍ في الأجيال التي نهلت من علمه وخلقه الرفيع.
بدأ الأستاذ راشد مسيرته كمعلم للغة الإنجليزية في بداية عصر النهضة المباركة بقيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد طيب الله ثراه. ورغم صعوبة السنوات الأولى من النهضة، فقد تحمل مشاقات الانتقال من ولاية إلى أخرى لإدخال مادة اللغة الإنجليزية في المدارس الحكومية، فجال عمان من أقصاها إلى أقصاها ليطمئن على جودة التعليم ومستوى الطلاب والمعلمين. وقد أنيطت له مهمة اختيار واختبار مدرسي اللغة الإنجليزية، وكان اختياره مبنيًا على مواصفات مهنية دقيقة، لضمان أن من سيترشح قادر على تحمل الأمانة الوظيفية، ولم يجامل أحدًا في سبيل المصلحة العامة.
تدرّج الراحل في المناصب حتى أصبح نائب مدير عام دائرة التدريب وتطوير المناهج، وكان له دور بارز في تطوير مادة اللغة الإنجليزية في المناهج العُمانية، فغدت أكثر عصرية ومواكبة للعالم.
لكن ما ميّزه حقًّا هو جوهره الإنساني. كان طيب القلب، مرحًا في تعامله، لا يفرّق بين صغيرٍ وكبير، دائم الابتسام، ومحبًّا للناس على اختلافهم. يزور المرضى، يتابع أحوالهم، ويسأل عن الغائبين بعفويةٍ واهتمامٍ صادق. حتى حين اشتدّ عليه المرض، ظلّ محتفظًا بابتسامته الهادئة ومزاحه الخفيف، يُخفي آلامه عن زوّاره كي لا يُشعرهم بالحزن، ويقابل التعب بالصبر والرضا. كان يمزح مع أولاده وأحفاده وكأنهم أصدقاؤه، وظلت هذه المناقب ترافقه أينما حلّ وارتحل.
وبعد أن تقاعد عام 2006، لم يتوقف عطاؤه، بل واصل مسيرته في الخير والعمل النافع، مؤسسًا مؤسسة الوفاق للحج والعمرة، التي أصبحت إحدى أبرز المؤسسات التي تقدم خدمات الحج والعمرة بجودة راقية وتنظيم مميز، تجسيدًا لما تربّى عليه من التزام وإتقان.
يموت العظماء ولكن لا تغيب آثارهم.
رحل الأستاذ راشد، جسدًا، لكن سيرته ستبقى حيّة تروى بكل فخر واعتزاز، وستبقى ابتسامته شاهدةً على حياةٍ ملأى بالخير والعطاء والصفاء الإنساني.
لم تتح لي فرصة مشاركة المئات من محبيه وتلاميذه من . تشييعه، ولكن من مملكة البحرين أتقدّم بخالص العزاء والمواساة إلى أبنائه الكرام وأفراد أسرته الكريمة، سائلًا المولى عز وجل أن يتغمّده بواسع رحمته، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان.
ودعاءٌ يا ابا مسلم ونرفع الأكف بان يسكنه الفردوس الاعلي و يجزيه الله خير الجزاء عمّا قدّم لوطنه وأمّته،
وأن يسكنه فسيح جنّاته مع الصالحين والأبرار. أنا لله وان اليه راجعون

زر الذهاب إلى الأعلى