زهرة المدائن

بقلم / علي عبد الرضا اللواتي

قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾

سمعت الكثير والكثير من المصطلحات والاحداث في ما يتعلق بالقدس من بداية حياتي, أذكر بعضا منها … كوجود اليهود بنسب صغيرة ومتفاوتة في كل العالم ومنها منطقتنا, الحركة الصهيونية واختلاقها عن اليهودية, معاهدة سايكس بيكوا, الانتداب البريطاني ووعد بلفور, حرب النكبة, نكسة حزيران … الخ

وفي حياتي عايشت وسمعت عن مجازر ترتكب في فلسطين والانتفاضات التي حصلت … منها إنتفاضة الحجارة, إنتفاضة الأقصى وأخيرا إنتفاضة القدس … وهي كلها مؤشرات تدل على عدم تقبل الشعب الفلسطيني للوضع …

وها نحن الان في إنتفاضات الشعوب مع تغير نوعي للمقاومة الفلسطينة بإستخدام صواريخ محلية الصنع لتثبت للعالم صحة مقولة الشاعر التونسي أبو قاسم الشابي (1933):

 “أذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر”

ولكن ما يقلقني الآن وهو السبب في كتابة هذه المقالة هو إن الاجيال تتغيرومن المسلمات أننا جميعا راحلون ولن نكون بعد خمسين أو مائة عام بالكثير … وقد أمضيت ولله الحمد عمرا … ولكن ورغم أني قصرت وما ساندت المظلوم إلا بالدعاء فقط -هذا إن كان مقبولا- … وهذا أضعف الايمان … أحاول هنا أن أختصر الرحلة على أبنائي والاجيال التي تليهم وبسبب إزدياد الضوضاء في المعلومات التاريخية و التشويهات المتعمدة من قبل العدو …

تبدأ قصتنا في عام 1897 بسويسرا حين أقيم المؤتمر الصهيوني الاول (الصهيونية:حركة سياسية ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر في أوروبا), حينها إقترح بسويسرا إقامة وطن قومي لليهود ويكون إما في فلسطين، أو الأرجنتين، أو أوغندا. وبعدها بسنين وأثناء الحرب العالمية الاولى (1914 الى 1918) والتي كانت بين الحلفاء (بريطانبا-فرنسا-روسيا-اليابان-الولايات المتحدة) ضد دول المركز (المانيا-النسما-الدولة العثمانية-بلغاريا) أبرمت في عام 1916 إتفاقية سايكس بيكو بين بريطانيا و فرنسا بمصادقة روسيا لتحديد النفوذ في المناطق التي ستنهزم والتي كانت منها المناطق العثمانية (فلسطين جزأ منها). وكانت فلسطين من نصيب بريطانيا. بعدها بعام واحد في 1917 صدر في بريطانيا وعد بلفوروالذي يؤيد إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف الغير اليهودية والمقيمة في فلسطين. وبعد الحرب العالمية الاولي في عام 1920 (وفي مؤتمر سان ريمو بإيطاليا) وضعت بلاد الشام تحت إنتداب بريطاني والذي تلاه في عام 1922 أقرار عصبة الامم المتحدة بإدارة بريطانيا لفلسطين

إستمر الوضع هكذا حتى نشبت الحرب العالمية الثانية بعد قرابة 17 عام (1939 الى 1945) والتي كانت بين الحلفاء ضد دول المحور (المانيا – إيطاليا – اليابان) والتي إنتهت بإنتصار الحلفاء بعد إنهزام المانيا والقاء قنبلتين نوويتين على يابان. وفي عام 1947 وافقت الامم المتحدة على تقسيم فلسطين الى يهودية (56%) وعربية (43%) وتدويل القدس (1%).

وفي يوم 15 مايو 1948 قررت بريطانيا إنهاء الإنتداب البريطاني وفي نفس اليوم في الرابعة بعد الظهر أعلنت اسرائيل إن قيام الدولة سيصبح ساريا عند منتصف الليل تلاه مباشرة نشرالرئيس الامريكي ترومان رسالة الاعتراف بإسرائيل بعدها بدقائق ومن ثم وبعد ثلاثة ايام إعترفت بها روسيا أيضا. هنا إندلعت حرب بين أردن و مصر وعراق وسوريا ولبنان وسعودية ضد ميليشيات صهيونية مسلحة و المتطوعين اليهود من الانتداب البريطاني على فلسطين وأنتهت 7 يناير 1949 بعد التوسع الإسرائيلي وعرفت بالنكبة.

وفي عام 1967 نشبت حرب أخرى سميت (بنكسة حزيران أو حرب الستة أيام)  بين إسرائيل وكل من العراق ومصر وسوريا والأردن والتي أدت إلى احتلال إسرائيل لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان وكان بعدها قرار 242 من مجلس الامن والذي نص على “ انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي أحتلت في النزاع الأخير”

وفي عام 1993 وقعت إتفاقية أوسلو وهو اتفاق سلام وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية والتي كانت أهم بنودها

• تعترف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل (على 78% من أراضي فلسطين – أي كل فلسطين ما عدا الضفةالغربية وغزة).
• تنسحب إسرائيل من أراض في الضفة الغربية وقطاع غزة 
• لا يوجد جيش فلسطيني للسلطة الفلسطينية
• بعد ثلاثة سنين تبدأ “مفاوضات الوضع الدائم” يتم خلالها مفاوضات بين الجانبين بهدف التوصل لتسوية دائمة
  • القدس (من يتحكم بالقدس الشرقية والغربية والأماكن المقدسة وساكنيها…الخ).
  • المستوطنات في الضفة الغربية والقطاع
  • الترتيبات الأمنية 

كانت هناك إنقسامات في الردود من كلا الجانبين ولهذا ففي إعتقاد الكثيرين أن هذا الاتفاق لا يعتد به

وأخيرا وفي 9 يناير 2020 أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته التي وصفت بـ “صفقة القرن”، والتي ترسم حدوداً واضحة بين إسرائيل وفلسطين على أن تكون القدس عاصمةً غير مقسمة تنتمي بالكامل لإسرائيل