بالفيديو والصور : الحصن القديم (قلعة العرب ) في زنجبار… شهادة حجرية على الـ مجد العُماني

زنجبار / الواحة
تقرير زاهر المحروقي
في قلب مدينة زنجبار القديمة، وعلى مقربة من أمواج المحيط الهندي، ينتصب الحصن القديم شامخًا، شاهدًا على قرونٍ من التاريخ والتبادل الحضاري. هذا المعلم التاريخي، الذي تتقاطع عند جدرانه حكايات البحر والسياسة والمقاومة، يُعد واحدًا من أبرز الشواهد على الحضور العُماني في شرق أفريقيا.

بناه اليعاربة العمانيون عام 1699م، عقب طرد البرتغاليين من الجزيرة، ليكون أول أثرٍ عُماني راسخ في زنجبار، وعلامة فارقة في تاريخها السياسي والعسكري. وكان الحصن في السابق مقرًا للحامية البرتغالية، قبل أن يتحول على أيدي العمانيين إلى رمزٍ للسيادة وبداية مرحلة جديدة من الاستقرار والنفوذ العُماني في المنطقة.

ولم يكن بناء الحصن حدثًا عابرًا، بل محطة تأسيس لعصرٍ جديد من الوجود العُماني المنظم في زنجبار. فمنذ استعاد اليعاربة الجزيرة، بدأت ملامح الدولة العُمانية تتجذّر عبر إدارة رشيدة، وتنظيم عمراني، ونشاط تجاري واسع ربط زنجبار بموانئ عُمان والخليج والهند والسواحل الأفريقية. ومع مرور الزمن، تحولت الجزيرة إلى مركزٍ بحري واقتصادي مهم، وملتقى للحضارات والثقافات، تحت راية النفوذ العُماني.

وتعزّز هذا الحضور في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، خاصة في عهد الدولة البوسعيدية، حين أصبحت زنجبار عاصمة بحرية مزدهرة، ومحورًا للتجارة والدبلوماسية والعلاقات الدولية. وتجلى الوجود العُماني في تفاصيل الحياة اليومية، من المعمار والأسواق، إلى اللغة والعادات والقوانين، لتصبح زنجبار نموذجًا فريدًا للتفاعل الحضاري العُماني–الأفريقي.
ولا يزال الحصن القديم، بجدرانه الصلبة وممراته التي صمدت أمام الزمن، يحتفظ بذاكرة تلك المرحلة التاريخية، ويروي حكايات المجد والمقاومة والسيادة. فهو ليس مجرد بناءٍ أثري، بل شاهد حيّ على عمق العلاقة بين عُمان وزنجبار، وعلى دور العُمانيين في صياغة تاريخ هذه الجزيرة.
الزميل زاهر بن حارث المحروقي زار الموقع، وعاد لنا بهذا التقرير المصوّر الذي يوثّق تفاصيل الحصن، ويستحضر من خلال عدسته صفحاتٍ من تاريخٍ ما زالت آثاره حاضرة في الوجدان والمكان.





