المرحوم بإذن الله الرائد سيف بن ناصر بن حمود السناوي الحارثي… أسد الصحراء

كتبت في الذكرى 17 لوفاته

في يوم من أيام يناير الباردة عام ١٩٨٧م وبالتحديد في ولاية هيما بالمنطقة الوسطى، ورد تعميم من غرفة العمليات عن وجود مجموعات مسلحة من المهربين، وكان الأمر بضرورة الانتباه والقبض عليهم.. كان ضابط المركز الرائد /سيف بن ناصر بن حمود السناوي الحارثي   شديد المراس.. يقظاً.. على أهبة الإستعداد والحذر.. كيف لا.. وهو حفيد آباء عرفوا بالشجاعة والإقدام.. الذين قال فيهم أبو مسلم البهلاني (‏‎وأيـن يـحمد هالـحرث الكرام ففي
عـزائـم الـقـوم جـناتٌ ونـيران

ضـنـائن الله أنـتم لا يـزال لـكم
فـي نـصرة الله صـولاتٌ وسـلطان

يـبلى الـزمان ولا تـبلى مـحامدكم
مــا دام يـحـمد مـطعام ومـطعانُ).. لم تمضي أيام على تعميم غرفة العمليات، وبينما كان الرائد سيف يتابع الأوضاع الأمنيةبصحبة والي هيما.. إذ لاحظ سيارة دفع رباعية (أبو شنب) وقد ترجّل منها اثنان لتعبئة الوقود من محطة نفط هيما الغافتين.. كان الرائد يتابعهم من بعيد وقد اشتبه في ملامحهما بحسه الأمني، لحظات ويطلب من الشرطي المرافق له والذي كان يقود سيارة الشرطه (نيسان استيشن) طلب منه استيقاف السيارة المشتبه بها.. وبسرعه ركب المهربان سيارتهما وهربا.. لحقت بهما سيارة الشرطه.. دخلا في طريق صحراوي بعيد عن الناس.. كان الرائد يحمل معه مسدس (9 ملي بلجيكي).. وعندما أيقن الرائد أن الخصم هم من المهربين.. جعل مسدسه في وضع الإستعداد، تحسباً لأي طارئ.. نادى سيف بن ناصر في البرقيه ( رمح 3 رمح 3 تسمعني).. (نعم أسمعك بوضوح سيدي).. ( نحن نطارد سيارة مشتبه بها  في الطريق المتفرع هيما الغافتين.. نطلب دورية مسانده)..(طيب سيدي..الدوريه قادمة إليكم ).. وفجأة توقفت سيارة المهربين.. وتوقفت سيارة الشرطه ورائهم.. نزل أحد المهربين خالي الوفاض.. ونزل الرائد من سيارة الشرطه.. والشرطي الآخر في مقعد القياده.. كانت يد سيف بن ناصر في مسدسه.. والذي لم يعرفه أن المهربين كان معهم رشاش (كلاشنكوف).. وماهي إلا ثواني وإذ بالمهرب الذي في السيارة يطلق النار من سلاحه الرشاش بإتجاه الرائد والشرطي.. سقط الشرطي شهيدا في نفس اللحظات، فيما دخلت سبع عشرة رصاصه في جسد الرائد وخر على وجهه في الأرض.. وقد أحتضن مسدسه تحت صدره .. وهو ينزف دما.. ظن المهربان أن الأمور قد أنتهت بمقتل الشرطه.. فنزل راعي الرشاش مع صاحبه ليتفقد الوضع.. وحين أقتربا من الرائد.. رفع سيف بن ناصر السناوي رأسه وأطلق عليهما النار من مسدسه.. لم تخط أي رصاصاته هدفها.. حيث باغت راعي الرشاش بثلاث طلقات في ظهره فخر صريعاً.. بينما لآذ رفاقه بالهرب
.. سقط زعيم المهربين صريعا.. وكان الوضع كما يقول عنتر (
وَكَم مِن فارِسٍ خَلَّيتُ مُلقىً
خَضيبَ الراحَتَينِ بِلا خِضابِ
يُحَرِّكُ رِجلَهُ رُعباً وَفيهِ
سِنانُ الرِمحِ يَلمَعُ كَالشِهابِ
قَتَلنا مِنهُمُ مائَتَينِ حُرّاً
وَأَلفاً في الشِعابِ وَفي الهِضابِ)… ورغم الرصاصات السبع عشره التي دخلت في جسد الرائد سيف بن ناصر السناوي إلا أنه سحب نفسه الي البرقيه ونادى (رمح 3 رمح 3 تسمعني).. (نعم سيدي أسمعك بوضوح.. الدوريه المسانده في الطريق إليك سيدي) وماهي إلا لحظات ووصلت سيارات الشرطه.. نقل الجميع إلى المستشفى،وتم القبض على بقية المهربين… ثم نقل الرائد سيف بن ناصر السناوي وهو تحت حراسة مشدده إلى مستشفى خوله بطائرةعمودية، و أجريت له عدة عمليات جراحية لإستخراج الرصاص.. وظل في العناية المركزة، ورغم الرصاصات السبع عشره إلا أن سيف بن ناصر تشبث بالحياة وكتب له عمر جديد، أما المهربين فكان لهم أصحاب ينتظرونهم، فنزل عليهم خبر مقتل زملائهم كالصاعقة، فقرروا الثأر والقيام بعملية اغتيال الرائد سيف بن ناصر في مستشفي خوله ،حيث اجتمعوا ووضعوا خطة لقتله بسلاح أبيض، حيث تمثلت الخطة أن يقوم اثنان بلباس عماني بزيارة الرائد في غرفته بالمستشفى وطعنه بسكين مسمومه ،و بالفعل بدأت الخطه ووصل الاثنان إلى المستشفى، وكانت الغرفة عليها حراسه من الجهات الأمنيه، الذين تنبهوا لهما ،حيث ادعى الاثنان أنهما من أقارب الرائد وانهما يرغبان في زيارته، دخل الشرطي الى الرائد وأخبره برغبة أحد اقاربه بزيارته، إلا أن الرائد كان حذرا ويعلم أنه وبتنسيق من أقاربه أن زيارتهم محدده في أيام محدده وتنسيق مسبق، و بالفعل تم استدعاء فرقه خاصه ألقت القبض على الشخصين وبآت خطتهم بالفشل.. ثم قامت الحكومه بنقل الرائد سيف السناوي إلى بريطانيا لاستكمال العلاج.. وبعدها عاد إلى أرض الوطن ،حيث تم تكريمه بوسام الشجاعه من الدرجه الاولى..
بعدها نقل إلى قسم حراسةالشخصيات المهمه حتى تقاعده…حيث أن الرصاصات السبع عشرة ظلت تؤثر على صحته، عاش سيف بن ناصر في قريته (سيح العافيه ) بولاية إبراء ،حيث عاش 19 سنه بعد هذه الحادثه، عرف عنه طيب المعشر وتوقد الهمه وصفاء الذهن، وبتاريخ ٢٦ /٥ / ٢٠٠٦م وبينما كان سيف بن ناصر السناوي يصلي في المسجد العلوي بقريته سقط على سجادة الصلاه، حيث لفظ انفاسة الاخيره هناك، وشيع جثمانه الطاهر إلى مثواه بمقبرة سيح العافيه..
غادر سيف بن ناصرالحياة في قرية سيح العافيه …بالقرب من شريعة فلج مجينين حيث توضأ اباؤة من قبل حيث توضأ عامر بن نصير السناوي وحمود بن سلوم السناوي وعامر بن محمد السناوي.. غادر سيف بن ناصر الحياة ولفظ انفاسة الاخير في المسجد العلوي والقبلة أمامه وبيت المسطاح خلفه بينما اخوه المعلم حمود بن ناصر في المحراب وأخوه محمد بن ناصر في سترة الصلاه .. غادر سيف بن ناصر الحياة وسماء سيح العافيه صافيه بينما كان قلبه يمطر تسبيحا وتهليلا وتكبيرا.. غادر سيف بن ناصر وبقيت الرصاصات في جسده الشريف …

  • بقلم/ يعقوب بن يوسف بن سعيد الحارثي…إبراء*
زر الذهاب إلى الأعلى