الأوقات الصعبة

بقلم / علي بن عبدالرضا اللواتي
كائن من كان, إن وجد على هذه الأرض فقدره هو التنقل, والرحلة لكل المخلوقات نفسها … من رحم الأم إلى رحم الأرض …
وبينما نحن نستكشف بستان الحياة, نهيم بين الزهور منتشيين بألوانها الجذابة وروائحها العطرة نقطف بعضها لأنفسنا وأخرى نهديها للآخرين يقبع الزمن في خفاء يغير المشاهد دون توقف ليعلن فجأة … النهاية
ما أقصد بالورود, النعم والمعارف التي وضعها الخالق لنستفيد و نفيد الاخرين
ولكن وبينما نحن نتنقل في البستان … كثيرا ما نتعرض لوخز الأشواك – منها ما يدمينا – ليترك فينا آلام تشغلنا عن النعم فنتقوقع منزويين داخلنا … بينما الزمن – غير آبه – يضل يغير المشاهد ليضع المشهد الأخير … مشهد الوداع
فمن منا لم أو لا يمر بما يعكِر ذهنه ويحده من العمل و الإنتاج … وقد تصل هذه الفترات الى سنوات تُسرق من العمر إن لم يكن العمر كله … رغم أن السبب قد يكون المشكلة جدا بسيطة … جرح مادي أو إحساس معنوي … ولكنه في النهاية, وقت محسوب علينا.
قابلت في حياتي أناس … كل حياتهم مأساة … ولا أُخفي أني أنا أيضا خسرت الكثير من السنوات … والآن كل ما أتمناه هو أن أدون وأنقل بعض من ما إستفدت منه من تجارب … والتي وضعتها على شكل نقاط مبسطة لعلها تكون مصباحا في يد من يمرون في سكك مشابهة
وكتمهيد للموضوع … يقال أن ملك من ملوك الهند طلب من أحد الحكماء أن ينقش على خاتمه عبارة ,إن قرأها وهو حزين سيفرح وإن قرأها وهو سعيد سيحزن … فكتب له … “هذا الوقت سيمضي”
ولهذا نقول دائما “دوام الحال من المحال” ونستنتج أن الحقيقة الثابتة التي لا تتغير أبداً … “أن كل شيء في تغير مستمر” …
والنقاط المهمة و التي أحس منها الفائدة هي:
1) تطوير الذات أو التغيير لا يكون إلا خارج منطقة الراحة والتي هي دائما مؤلمة ولكني إكتشفت أن ما يؤلم حقيقة هو فقط مقاومة التغيير … وليس التغيير ذاته فصحيح أن البحار الماهر لا يستطيع تغيير إتجاه الريح, ولكنه يضبط الاشرعة ليصل الى وجهته.
2) تذكر أن الكل يعاني, ولكننا بارعون في إخفاء آلامنا ولهذا نحن نلتفت للنعم التى هم فيها ونتصور إننا الوحيدون الذين نعاني وأفضل علاج لهذا في نظري هو أن نبدأ يومنا بالإلتفات الى النعم من حولنا … أذكر هنا حوار بين سكير يائس من الحياة فيه غصة يُسأل … لماذا تسكر؟ … هل لترتاح؟ … فأجاب لا ! … أنا أشرب فقط لأخذ نفساً … وهذا يدل على نعمة النفس الذي نأخذه كل أربع ثوان دون أن نحس … أذكر أيضا شخص كنت أخذه الى المستشفى بسبب نقص نسبة الاكسجين … وفعلا كم هو مؤلم رؤية شخص يمر بهذه الحالة فما بال إن كنت أنت ذلك الشخص
3) الجانب الآخر هو أن لا نلوم أنفسنا أوالآخرين … فالقرارات التي تُتخذ تكون مبنية على المعلومات المتوفرة ولكن ولأنه من السهل التهرب من تحمل مسؤولية الاخطاء بإلقاء اللوم على الاخرين فلا داع للتغيير. أو أن نعترف بالخطأ دون تحمل المسؤولية بلوم أنفسنا … ونتألم بصمت … بينما الحل بسيط … الاعتراف بالخطأ – تقبله – تحمل المسؤولية – الرغبة في التغيير
4) التفاؤل والنظرة المشرقة للمستقبل وتخيل الإنسان نفسه بعد التغيير … فوضع الاهداف وكتابتها يسهل الامر ليتسنى له تخيلها والسعي الى تحقيقها … فينشغل الانسان بخطوات العمل ويخف الالم … ليستمر بالانتاج
الخلاصة :
معرفة الإنسان بحال الدنيا وإن كل ما يعانيه لا يقارن بالنعم التي هو فيها و تحمل المسؤولية ووضع آلية لعمل التغيير دون المقاومة هو من أبسط المناهج التي يمكن للإنسان أن يعيشها ويكون منتجا وسعيدا في نفس الوقت وإن كان يمر بأوقات صعبة





