مقبول بن حميد آل صالح.. ونهاية مشوار “الدرب الطويل”

الواحة – حمود بن علي الطوقي :
“دربٌ طويل.. ذكريات حياتي”، هو العنوان الذي اختاره مقبول بن حميد آل صالح، لمذكراته الشخصية، بالاشتراك مع شقيقته الدكتورة معصومة آل صالح، لاستعراض فيه سرد ثري لمعالم بارزة من مسيرته الممتدة لأكثر من سبعة عقود من الزمن؛ كما يتطرق فيه إلى البدايات المتواضعة وجذور عائلته ومنزله القديم في مطرح عام 1945م، إلى صورة حية للنشأة في الأوقات الصعبة في مجتمع وثيق الترابط؛ والانتقال عبر الأوقات المتغيرة والتقدمية منذ ظهور نهضة عمان الحديثة في عام 1970، والسعي الدائم للتميز حتى يومنا هذا. كما تتناول المذكرات بعض المواقف الملهمة للمؤلف مع عديد من الأشخاص، وذكرياته في عديد من الأماكن، وتجاربه في السفر وتفاعلاته مع الثقافات المختلفة بمختلف معالمها؛ وذكرياتٌ عائلية، ونجاحات وإخفاقات، وشغفٌ ومغامرات وغيرها من المعالم والمواضيع الشيّقة.

كما يقدم آل صالح عبر صفحات الكتاب سردًا شخصيًّا لرحلته الطويلة من بداياته المتواضعة إلى النجاح، حيث يسرد العديد من التجارب الممتعة والمواقف الفارقة التي شكلت ملامح حياته من خلال هذه الرحلة الطويلة، كمشوار استثنائي، وحكاية متجذرة في عدة عوالم، يرويها مقبول بن حميد، ويطرح من خلالها رؤىً عميقة عن شخصيته، وعن حبه للالتزام والانضباط والعمل الدؤوب، وعن إصراره على تحقيق النجاح وتجاوز جميع الصعاب. كما يعبر فيه عن عشقه العميق لبلاده وولائه لها، ورؤيته بشأن استمرار ازدهارها وتقدُّم شعبها، مؤكدًا على أهمية التحلي بالإخلاص والنزاهة، وتبنى العمل المثابر لتحقيق التطلعات والأهداف المنشودة، وذكرياته في عديد من الأماكن، وتجاربه في السفر وتفاعلاته مع الثقافات المختلفة بمختلف معالمها؛ وذكريات عائلية، ونجاحات وإخفاقات، وشغفٌ ومغامرات وغيرها من المعالم والمواضيع الشيّقة.
ويتناول الكتاب العديد من المشاهد والذكريات وفصولاً مهمة عن مشوار حياته الطويل قبل فترة السبعينيات وما بعدها منذ عصر النهضة المباركة في يوليو عام 1970 وحتى اليوم، وذلك من خلال نشر 19 فصلا حول تلك القضايا. كما يضم الكتاب الكثير من المواقف والشخصيات التي أثرت في حياة الكاتب، والدول التي زارها في فترة الستينيات من القرن الماضي وما بعدها، ونوعية الأعمال التي امتهنها خلال حياته. ومن هؤلاء الاشخاص ممن تأثر بهم المؤلف العميد الايرلندي جيم شريدان، وتيم لاندون اللذين ساهما في تغيير مسرى حياته وارتباطه مع الأخير بعلاقات ود وصداقة. وقال بأنه تعلم في الجيش النظام والمواظبة، وعدم التأخير في إنجاز العمل اليومي.
وقال المؤلف إن ريع هذا الكتاب -الذي صدر باللغتين العربية والإنجليزية- سوف يذهب للجمعيات الخيرية أولا بأول. ويتناول المؤلف العديد من المذكرات للمواقف التي مرّ بها مع عدد من الشخصيات، وكذلك ذكرياته مع أقاربه وأصدقاءه والأماكن التي زارها، والتجارب التي استفاد منها سواء في حياته الشخصية أو في عمله، خاصة تلك التي تتميز بالمخاطرة، كما تحدث عن السفر عموما وتفاعلاته مع الثقافات المختلفة ونجاحاته وإخفاقاته، خاصة عندما انشغل في الأعمال الحرة كرجل أعمال؛ حيث له تجربة خاصة في الدخول إلى عالم السينماء لإنتاج فيلم في أحد ضواحي أمريكا، إلا أنه خسر في هذا المشروع بسبب المنافسة التي جاءت من اللوبي اليهودي الذي يسيطر على هذه الاعمال.
وقال إنَّه بدأ حياته في العمل في الجيش العماني براتب 120 روبية في تلك الفترة، وكان المبلغ يعتبر جيداً في تلك الظروف، حيث التحق بالجيش في 12 ديسمبر 1959، قائلا أنه كان ينوي السفر في ذلك العام إلى دولة الكويت مع أحد أصحابه، إلا أن والده المرحوم حميد سمع عن ذلك، وتحدث مع أحد الاشخاص الباكستانيين الذين يعملون في الجيش بتوفير فرصة العمل لي، ثم اصطحبني هناك وتم تعييني في ذلك اليوم مع احد الضباط الإنجليز. ولكن نظرا لعدم معرفتي باللغة الإنجليزية، فقد كان هذا الضابط يؤنبني يوميا، وبعد عدة أيام أراد أن يسرحني من العمل، فتوجهت إلى الشخص الباكستاني وأخبرته بالقصة، فتم تعييني في مكتبه لمدة أسبوع على أن أنجح في العمل الذي يسند لي وتوفقت في ذلك، ثم حولني إلى مركز التدريب بالجيش، واستمررت معهم في العمل حتى عام 1967. وكان من المفترض أن أرتقي إلى درجة ضابط، حيث كان ذلك طموحي، وهذا الأمر كان مرتبطاً بأن أذهب أولاً في دورة الضباط بباكستان. ولكن نظراً لتعليمات جلالة السلطان سعيد بن تيمور -رحمه الله- بأن لا يزيد عدد المبتعثين إلى دورة الضباط عن ثمانية أشخاص، وأن العدد في تلك الفترة كان مكتملاً، فكان عليَّ أن انتظر إذا استقال أحدهم أو توفاه الأجل. وهنا رأيت أن طموحي بدأ يتراجع، وأحسست بأن مستقبلي غير مضمون؛ الأمر الذي أدى بي إلى الاستقالة من الجيش، والتوجه إلى العمل بدبي بمساعدة زميلي الدكتور محمد موسى اليوسف، وكان ذلك في العمل المحاسبي الذي لم أكن أتفهمه، إلا انني توفقت في عمل آخر لدى الشركة واستمريت في ذلك، مؤكداً أن جميع تلك التجارب والمواقف كان لها دور في تشكيل ملامح حياتي لاحقا، متمنيا أن تكون هذه الذكريات والتجارب ملهمة للآخرين من هذا الجيل وتحفزهم على مواصلة مسيرة العمل والبناء والإنتاج في كل القطاعات، والإصرار على تحقيق النجاح وتجاوز الصعاب التي يواجهها الإنسان في حياته.
الكتاب يتناول كذلك ملامح من الحياة في عُمان ما قبل السبعين، وبعض المدن العمانية الأخرى، حيث كانت الدولة تعاني من نقص كبير في خدمات التعليم والصحة والنقل والإضاءة؛ بحيث كان يضطر الناس -خاصة في أيام الصيف الحارة- إلى النوم على السطوح، وتغطية أجسادهم بلحاف مبلل للتخفيف من حرارة الجو، مؤكداً أن الحياة بمعناها الصحيح بدأت في يوليو عام 1970 مع وصول جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- الذي بعث رسالته لجميع المواطنيين في الخارج بالرجوع إلى السلطنة والعمل في خدمة بلادهم، الأمر الذي أدى بي أن ارجع إلى البلاد في 26 يوليو عام 1971، وأتقدم للعمل بشركة تنمية عمان التي لم أوفق فيها رغم نجاحي في المقابلة والاختبارات، ولكن نظرا لعدم وجود الشهادات العلمية لدي، لم أتمكن من العمل لاننا درسنا في المدارس الأهلية مع الاستاذ المرحوم حسن بن هاشم “مستر حسن”.

ويقول مقبول في كتابه إنَّه يذكر أن الضابط البريطاني الذي كان يعمل معه في الجيش يعمل في ديوان البلاط السلطاني، “فتقدمت إليه واخبرته بحاجتي للعمل، فتم تعييني بسكرتارية الديوان. وخلال العمل تمت ترقيتي في عدة مناصب لحين تم تعييني وكيلاً هناك، ثم تم نقلي لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وكيلا للوزراة، حيث استفدت كثيرا من الرجل النزيه خلفان بن ناصر الوهيبي في الكثير من الأعمال”.

وأخيرا قال إنَّه في العام 1982 تمَّت إحالته للتقاعد من الحكومة، مؤكداً أن قاموسه الشخصي لا يعترف بشيء اسمه “التقاعد”، وأنه مستمر في إنجاز العديد من الأعمال في مختلف القطاعات الاقتصادية.. ويملك مقبول اليوم العديد من الشركات تعمل في مجالات السياحة والاستثمار والصناعة وغيرها من القطاعات الاقتصادية الأخرى.
مجموعة من الصور لمراحل مختلفة من حياة مقبول بن حميد آل صالح








