عند “الرينج روفر” العسكرية.. الطلاء … والسيحية الاطلالة

حمود السيابي

حمود بن سالم السيابي
هنا بعض حلمك.
على بُعْد شجيرات في سيح البركات.
وحيث يصل ظل بيرقك على سارية حصن الشموخ
أمشي بتؤدة رفقة مازن لكيلا تطأ الخطوات الظل.
يقترب شابٌّ ليخبرني بأن العصا إن لم تكنْ للاتكاء الصحي فهي ممنوعة ، فقلت له للتوازن فانْحَنَتْ ابتسامتُه.
استفتحتُ التجوال بالتوقُّف عند “الرينج روفر” العسكرية الطلاء والسِّيحية الاطلالة فتخشَّبتْ الوقفة لهيبتك ، حتىى وأنت لستَ فيها لأنك فينا.
لعل هذه “الرينج روفر” أكثر نفائس المتحف تكراراً في كاميرات الزائرين ولذلك أمطرتُها بديمةٍ من هاتفي إلى أن خشيت على ما تبقَّى من اتساع في الذاكرة ومن مساحة في الشاحن وهناك الكثير الذي يستحق التصوير.
احتوتني الممرات التي تبرق كعهدك فاندفعتُ مع الحشود التي جاءت دونما اكتراث للعصور الجيولوجية السحيقة ولا للأزمنة الجليدية والمطيرة ، لأنك نيْزكها الأهم الذي تفلّتَ من السماء ليستقر في بؤبؤ العين.
تأنَّق المتحفُ الباذخ بقاعاته التي تشعرنا بالفخر بأن مثل هذا الصرح في بلادنا ، وأنه يذكرنا بك.
هنا الأمس البعيد جدا جدا جدا ، ولكنني لست بالجيولوجي لأغرق في الفوارق بين جبال الحجرين الشرقي والغربي ولا في الفوالق الصخرية بين الأخضر الأشم وسمحان
لقد توقفتُ طويلاً عند نهر المداد في مخطوطات الأوائل فحمدتُ الله أن النهر ما زال يجري.
واقتربتُ بعيني المتعبتين لأتواصل مع أزمنة الرسائل المتبادلة وشكرت الله أن الوطن بنفس الحميمية مع سعاة البريد وإن تغيَّرتْ التعاريف إلى وسائط ألكترونية في عصرنا الرقمي.
وكانت بوابة النهضة في متحف عمان عبر الزمان هي المحطة الأزهى ، ربما لأننا عشناها وأن ما سبقها قرأناه.
وربما لأنك فيها تتكرر على كل شبر من الخارطة وعلى كل دقيقة من نصف القرن.
تكوَّمْتُ على أريكة جلدية مع الذين افترشوا القطيفة الموشَّاة بنصف القرن لينصتوا لبوحك تتلو البيان الأول وبيان النصر فالبيان تلو البيان.
هنا لقطات لك وقد اكْتَسَتْ بزعفران السيوح فالتهبَ التصفيق.
وهنا مطاياك الخضراء التي خبَّتْ بك بين هدبة وهدبة فتعالى الهتاف.
وهنا بزاتك العسكرية بلون الوطن وإن تعددت ألوان المناسبات فوقف الجميع للسلام السلطاني.
وهنا صفحة لجريدة عمان وأخرى لجريدة النجاح ، إنه الوعد بحياة تواكب العصر في شطري الوطن الآسيوي والأفريقي فأقف كطالب مدرسي يزور الجريدة لأجل صورة للذكرى تستقر في هاتفي تحمل رائحة الورق وحبر الطباعة وزيوت المطابع.
وهنا أروع أمثلة الوفاء لمولانا الهيثم المعظم الذي أشْرَفَ شخصيَّاً على حلمك ليزهر كما تمنَّيته أنت ، وتكاملَ كما تمنَّاه هو.
ولقد كان الافتتاح تحت رعايته السامية بهيَّا وفخما ، وكنتَ الحاضر في الشوق وفي الكلمات.
ولعل عصا مولانا الهيثم المعظم هي الأيقونة النفيسة بالمتحف والتي ستتكرر في التصوير مع سيارتك العسكرية الطلاء والسيحية الاطلالة.
وبعد طول تطواف لا يُمل جرجرتُ خطى الختام وأنا أتمهَّل في ألّا تلمس عصاي الرخام لكيلا أجرح البريق واللون.
وعند البوابة الخارجية للصرح الشامخ كان سيح البركات من جديد بشجيراته الشاهدة على من مرُّوا.
وكان البيرق على سارية حصن الشموخ يمدُّ نطاق الظل إلى ما بعد بعد بعد السيح.
إنه بعض حلمك وقد عشناه.

زر الذهاب إلى الأعلى