سوق مطرح والهندسة الدفاعية
أعينا حارسات
بقلم / منصور بن حبيب الرحبي
أبحر بقلمي عابرا أجواء ولاية مطرح وهي تعانق شقيقتها ولاية مسقط وقصر العلم يحتضن قلعتي الجلالي والميراني والأمواج تعانق مرفئ ميناءالمكلا وميناء مطرح في أربق وشموخ قلعة مطرح تبعث السلام للقادمين لمطرح سوقا وحللا برا ومن البحر وسوق السمك وقوارب الصيد ترسلا تحية لزوراه من السكان او القادمين من خارجها برا وبحرا والأمواج تعزف أنغامها تهدي رائعاتها من السكان والارواح التي تسكنها الى القادمين
والراحلين والعابرين فعندما تستيقظ تلوح عيناك اشتياقا لمعانقة البحر ومشاهدة السفن الراسيات والخشب المحملة بالمواد القادمة بعد عناء لمصافحة الموانئ من الجنوب والشرق ومن اقصى الشمال فمن مرافئ ولايتي مرباط وطاقة من محافظة ظفار الى ولايتي جعلان وصور في محافظة جنوب شرقية عمان مع قلهات مرورا بولاية قريات بمحافطة مسقط وصولا لميناء السلطان قابوس السياحي ومن محافظة مسندم من ولاية خصب الى ولاية صحار بمحافظة جنوب الباطنة جميعها احتضنها بحر العرب وبحر عمان لتحل رحالها في ميناء المكلا بولاية مسقط وميناء مطرح ومن ولايات المحافظات المرتبطة عبر الطرق البرية واسواقها التاريخيه التراثيه الشعبيه والأفئدة تحنو خطواتها شوقا لمشاهدة سوق مطرح التراثي وهو معلما تجاريا واجتماعيا وإنساني وملتقى الشعراء فمطرح بسوقها وحاراتها يمثلان ويشكلا متحفا مفتوحا فيرتسم أمامك مشهدا من محيطيه الخارجي والداخلي ولأني من أبناء ولاية مطرح ولادة ونشاة وحياة كنت اشاهد خطوات الناس في داخل السوق وعند شاطي البحر وصيد الأسماك بيعه وشراءه من القوارب وحالة الصيادين ونزع الأسماك من الشباك والتفاف الناس وبمضي السنين التحقت بالعمل في السلك العسكري تحديدا في جهاز شرطة عمان السلطانية وعندما كنت ضابطا لمركز شرطة مطرح أخذت اتأمل اكثر واقتربت من الأمكنة لأملا عيني واربط صور الماضي بالحاضر وأتمعن اكثر محتفظا بذاكرتي المخزونة بالعسكرية خاصة بما استفدت من معارف من خلال التحاقي بكلية القيادة والأركان في بيت الفلج وجدت نفسي ساكنا في مدينة تاريخ وكنت أعمد الى مشاهدة الواقع وأبدأ مروري بدخول السوق في بدايات الصباح وقبل فتح المحلات ولم تطأ المكان قدم وفي كل سكة وموقع يستوقفني المشهد وكأنني في مكان منعزل لم تطئه أقدام اشبه بمنطقة تسكنها الارواح وأشم عطر المكان واسمع اصوات الرياح القادمة من البحر وهي ترتطم بزوايا المحلات فعشت حلما وحياة ملأت في نفسي سعادة واطمئنان ثم فكرت في الصعود الى القلعة الرابضة في جبل يشرف بموقعه الحيوي والإستراتيجي على البر والبحر معا ومشاهدة الأبراج المحيطة بالسوق والحلل إرتسمت في مخيلتي تحصينات ومشاهد احتفظت بها للأيام اللاحقة فصعدت برج الحكم الواقع
في حلة جيدان المقابل لمركز الشرطه ومددت بنظري
الى جميع الجهات فتكونت في مخيلتي أحداثا واسئلة وازددت شغفا وخرجت بقراءات وثقتها في ذاكرتي وتواصلت مع الجهة المعنية بالتراث وحثهم على أهمية الزياره المستمرة للمحافظة على الآثار والأعتناء بها كونها تمثل تاريخا وتكوينا إنسانيا وحضاريا لتبقى شامخة بكبرياءها وتعتبر قلعة مطرح رمزا وحامية للمكان على مر الزمان وتبقى الناطق عن احوال
من كان ونشاهد السواح يلتقطون صورا عن قرب ويعبرون
عن روعة المكان والتصميم. ان الحديث عن التاريخ في سلطنة عمان لن تحتويه أسطر فتجف الاقلام عند التفكير للدخول لأن كل أثر فيه تاريخ يحكي قصة وبالتطرق
الى قلعة مطرح وماحولها من أبراج على قمم وسفوح الجبال المحيطة بحلل مطرح وكونها امتدادا لقلعتي الجلالي والميراني والابراج
في ولاية مسقط العاصمة الأصل ولارتباطهما بالبحر وميناءالمكلا
في ولاية مسقط بميناء مطرح في
(حلة أربق) المسمى القديم ثم سمي بميناء السلطان قابوس كان تجاريا ثم حول ليكون سياحيا وخرجت بتصور [هندسي عسكري] دفاعي بداية إختيار قلعة مطرح بموقعها الشامخ الذي يشرف على ميناء السلطان قابوس السياحي وقد كان تجاريا والطريق البحري والسوق والحلل يمنة وشمالا ومن جهة الخلف وذالك من (منظور عسكري) فالقلعة تمثل القوة الضاربه والحاميه بموقعها المتقدم وكانت في فترات سابقة مقرا عسكريا وأمنيا وإداريا حيث لايتصور وجود معلم بأهميته من دون وجود ولأهميتها نعبر عن القلعة بمصطلح عسكري عن الجسم الرئيس للقوة
او الجيش ومن خلفها الابراج من الجهتين يمينا وشمالا تمثل الأجناب والأبراج من جهة الخلف تمثل الدعم اللوجستي والأرزاق والتموين والقوة الحامية المرافقة
وهي ممتده التحصين متصلة لحماية القلعة الجسم الرئيس فبرج الحكم في حلة جيدان مقابل مركز الشرطه والبرج اللزم في حلة العرين خلف مركز الشرطه ومن حيث المهام والإختصاصات فكل موقع مرتبطا لوجستيا معا
في المسافة لحماية بعضها في كل موقع خاصة ومدايات طلقات الأعيرة مسافتها قريبه كونها تقليديه وكذالك للتخزين والدعم للجسم الرئيس بالمؤن والأسلحة في تلك الحقبة من الزمن وتوجد ابراجا اخرى متصلة تقع في محيط الميناء جهة حلة الشطيفي المطلة على حلة عينت بدارسيت وماجاورها من الأحياء القريبة والتصور هذا يكون من خلال المشاهدة من الأعلى على مد البصر نجد براعة الأجداد
في التخطيط لتأمين مطرح سوقا وسكنى وسكانا لحماية البشر والمنشآت بماتحتويها
من مخازن لبضائع وبضائع كما انها في نفس الوقت حماية للسفن القادمة
الى الميناء وكذالك للقوافل القادمة الى السوق عبر البر من من ولايات عمان المتعدده من داخلية وشرقية البلاد وماتحمل من ارزاق من ثروات زراعيه وحيوانية حيث كان سوق مطرح المخزون والممول للناس وتوجد الجمال والحمير محملة بالثمار من الداخل وسوق المواشيء كما توجد عرصة السوق الواقعة في حلة العرين تحديدا مكان وجود مركز الشرطة الذي يحرص التجاروالمستفيدين الى عرض سلعهم للبيع والشراء والمناداة بالأسعار فينبغي علينا عند مشاهدتنا أوتطرقنا لذكر القلاع والحصون والأبراج والاسوار في وطننا ان نعطيها حقها
في الوصف لأنها مرتبطة بفكر إنسان مبدع ونوصفها للقصد ونعطيها أهميتها الأمنية والعسكرية والتجارية ونقف إجلالا للقادة والعلماء والمفكرين في تلك الحقبة وسائر القرون ففي كل شبر من عمان تاريخ يستنطق الروح والجسد والحجر وكل معلم يقف امامه شموخا وهيبة للزائرين ولمشاهد الآثار حكايات تروي قصة وتضحيات ومن هنا نرسم شواهد لمعالم خالدة من أجله بنيت القلعة والحصن والابراج للدلالة على فكر عسكري وهندسي كان يتمتع به الأوائل وكيف تمكنوا من البناء على رؤوس الجبال وتوصيل المواد ومنها مايجعل الاستغراب في نقل المدافع الى داخل القلعة او الحصن
او الأبراج بوزنها مع ارتفاع الجبل مع عدم وجود المعدات التي تسهل رفعها وتوصيلها في تلك الفتره الأمر الذي يعبر عن فكر وعلم وبسالة وقوة جسمانية ولياقة للناس وروحهم الوطنية حاضرة وعلم في الكتاب كما خص الله لأنبياء والصالحين بالكرامات وفي القرآن آيات عن مدد إلهي والتاريخ حافلا بالكرامات وهكذا
يمر بنا الزمن يطوي أعمارا وصفحات وذاكرة جسدت حقبة تم توثيقها وربما البعض الآخر اندثر بفعل عوامل كونية وظواهر طبيعية وبشرية وأحوال سياسية واقتصاديه ورحيل ذاكرة لم يتمكن أحدا من توثيق مالديه
من أحداث في ذاكرته
عن بعض الحقب التي عاشها الإنسان العماني ورحلت مع ذاكرة الاوائل ومن كانوا يعتبرون ارشيف الوجود للحقبة ونحمدالله وبعد ألإهتمام السامي من لدن جلالة السلطان قابوس الخالد وجهود لاحقة اسهمت من خلال وزارة تعنى بالتراث العماني والهيئة العامة لتوثيق الوثائق والمطبوعات تمكنت
من الإحتفاظ بمكتبة زاخرة ومراجع علمية وتاريخيه للبحث العلمي والتاريخي ويعتبر الإنسان ذاكرة المكان والزمان والناطق الرسمي من خلال مشاهدته وسماعه من ثقات خلال حياته والأعمار ترحل ويبقى الأثر قصة يرويها الإنسان مدى الأزمان .