أوراق الخريف.. معرض مسقط للكتاب العرس المتجدد ولكن..!

د. أحمد بن سالم باتميرا
تظاهرة ثقافية سنوية ، ننتظرها مع بداية كل عام ميلادي بشغف ، أسدل الستار عنها بعد عشرة ايام جميلة وهو “معرض مسقط الدولي للكتاب” في دورته ال 28 ، والذي حظي بحضور جماهيري وشراء منقطع النظير.!
ورغم ذلك يتطلب المعرض في اعتقادي التغيير ، وان تكون له سمة مختلفة ، ونمط آخر من حيث الفعاليات المصاحبة والندوات، فمن الفعاليات مثلا “جلسات الشعر والندوات والمحاضرات” أصبحت لا تلقى ذلك الزخم من المتابعين والزوار ، لذا علينا ان نقف قليلا ونتمعن لماذا بعض المحاضرات والندوات تلقى رواجا وحضورا لافتا ، والبعض الآخر يفتقر إلى ذلك.
فالدورة الحالية ، حققت نجاحا من قبل الزوار، كما هو في السنوات الماضية ، ومعظمهم اتوا لاقتناء الكتب ، خاصة الإصدارات الجديدة والتاريخية ، اما الفعاليات والأنشطة المعتادة التي لا تخرج عن كونها ثقافية وأدبية فلا يتعدى الحضور فيها احيانا أصابع اليد.
وغدا ، مع تطور التكنولوجيا والحواسيب وغيرها ، سيتم قراءتها على جهاز الهاتف الذكي الذي سيكون بمثابة نافذة على عالم الكتب الإلكترونية غير المحدود مباشرة دون الحاجة للذهاب للمعارض.
ومع هذا التطور القادم بقوة ، ومع الإقبال الكبير على شراء الكتاب حتى اللحظة ، فان الأمر يتطلب التفكير في كيفية خلق استدامة كبيرة للمعرض العماني السنوي من خلال اضافة فعالية جديدة ـ دولة ضيف شرف ـ لتنقل لنا ثقافاتها وفنونها وادبها وتاريخها بالتزامن مع ضيف الشرف المحلي ـ المحافظات ـ.
وايضا نحتاج للخروج من الأسلوب التقليدي للندوات والفعاليات المصاحبة ونضيف فقرة جديدة للعرس الثقافي تحت مسمى ـ منصات ـ سعدت بتطبيقه وتنفيذه حين كنت في مجلس إدارة جمعية الصحفيين، إذ قمنا باستضافة شخصيات مرموقة لتقديم محاضرات قيمة لحدث معين ، وسعينا لاستضافة معالي عبدالله بن حمد العطية نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الطاقة والصناعة انذاك في قطر ورئيس الاوبك للتحدث عن اسباب انخفاض النفط وتبعاته.!.
لذا يفضل ان تكون المنصات متعددة ومختلفة الثقافات على هامش العرس العماني الثقافي من خلال استضافة شخصيات سياسية او اقتصادية او ثقافية لها بصمات واضحة وتكون إضافة لمعرض الكتاب وسمة رئيسية له وبذلك سيكون الحضور مختلفا ومتعددا.
فنحن اليوم ، في حاجة لاستصافة معالي الدكتور عبدالله يعقوب بشاره والتحدث عن سيرة مجلس التعاون الخليجي مثلا ، او الأخضر الابراهيمي وسيط السلام ليتحدث عن حياته الدبلوماسية والسياسية أو الأمير تركي الفيصل آل سعود الرجل المخضرم في السياسية والأمن ، او الفنان والممثل السوري دريد لحام ليسرد لنا عن حياته السينمائية او سماحة الشيخ مفتى عام سلطنة عمان. وهناك الكثير من الأسماء في مختلف المجالات التي يمكن استقطابها في المعرض والتي ستلقى رواجا وتغطية إعلامية بارزة على كافة الأصعدة.
وما يثلج الصدر حقا أن المعرض ما زال محافظا على قوته الشرائية ، ويحتاج فقط للتفكير خارج الصندوق في فعاليات جديدة يبحث عنها الكبير والصغير، وهذا ما نتطلع له العام القادم.
وكما احتفى معرض الكتاب لهذا العام بمحافظة الظاهرة كضيف شرف ؛ التي أبدع أهلها والمنظمون لها بتقديم صورة ثقافية وتاريخية عن المحافظة والتي كانت معبرا للقوافل وملتقى الترحال عبر الربع الخالي والجزيرة العربية، كما أننا نتطلع إلى أن يكون لدينا ضيف شرف خارجي مثلا كازاخستان او المملكة العربية السعودية او السنغال أو سنغافورة وهكذا..!
وبذلك سيخرج المعرض من الغطاء المحلي المعروف ، ليكون حدثا عربيا وعالميا ، فالأدوات والإمكانيات والمكان متاح لكي نحقق هذه الأمنيات ؛ كما يمكننا ان تقام على هامش الفعاليات ـ منصات ـ فعالية ثقافية لشخصيات وقامات عمانية بارزة في التاريخ ، فالإرث الأدبي لأجدادنا الاولين محفور في الذاكرة ويحتاج منا لإبرازه واخراجه ليتعلم أبناؤنا منهم وماهي أعمالهم. ومن هؤلاء زوار المعرض ففيهم شخصيات رجالا ونساء ذوو مستوى عال في الثقافة والتراث الأدبي العماني ، لذا علينا إعادة كتابة التاريخ بأسلوب حديث.
لهذا فان معرض مسقط للكتاب ليس مجرد حدث ينتظره الجمهور سنويا فقط ، بل يجب ان يكون عرسا ثقافيا متنوعا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وفي كل دورة علينا إضاءة العرس لتكون له بصمة في الذاكرة ، من خلال الفعاليات والاحتفاء بالأدباء والكتاب والشعراء بمختلف مشاربهم ، فضلا عن تلك الجلسات الحوارية والمناقشات ـ منصات ـ التي ستعطي العرس بريقا آخر يستقطب الزوار من كل مكان.
وها نحن نودع معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الحالية ، ونتطلع للدورة القادمة العام القادم بثوب جديد يتنافس فيه الجميع على المشاركة والحضور ، فاننا نطالب الجهات المختصة بإقامة معارض صغيرة خارجية لعرض لوحات واكلات لاصحاب المبادرات المجتمعية.
وبذلك ومع التطور المستمر للمعرض والأفكار المقترحة ، فانني لا أبالغ إن قلت إن معرض مسقط الدولي للكتاب سيُضاهي معارض الكتب العالمية وليس العربية فحسب ، وسيكون نسمة هواء نقية لاستقطاب المزيد من الحضور والزوار، ويكون تكريم الفائزين بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والاداب على هامش المعرض مثلا ، وتقديم عروض فنية وموسيقية .. وبذلك سيكون لمعرض مسقط للكتاب بصمة في روزنامة الكثير من المهتمين والمتابعين أهل الثقافة والأدب .. والله من وراء القصد.
د. احمد بن سالم باتميرا
كاتب عماني
batamira@hotmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى