الأكاديمي والخدمة المجتمعية

بقلم / محمد بن سليمان بن حميد الحارثي*
ظهر مفهوم الخدمة المجتمعية معرفا لأول مرة في العام 1933ثم تم إقراره دوليا في العام 1935م إذ يرجع ظهور هذا المصطلح في المجتمعات الأوربية للعوامل التالية:(الثورة الصناعية
-المشكلات المرتبطة بالنمو الحضري.
-الثورات والحروب في أوروبا وفرنسا
-فشل التشريعات في مواجهة مشكلات المجتمع الأمريكي ) وأرجع ظهوره في الآونة الأخيرة لظهور أمراضا نفسية متنوعة أتت من الضغوط النفسية التي يعانيها الفرد في المجتمع إثر تفشي البطالة وارتفاع أسعار المعيشة وقلة مصادر الدخل وعدم استقرار بعض الوظائف وغيرها من العوامل المؤثرة على الجانب الاقتصادي للفرد والجماعة وهو الأمر الذي حتم وجود تفعيل متنامي لمصطلحات الخدمة الاجتماعية أو الرعاية الاجتماعية التي دعا إليها ديننا الإسلامي قبل ما يقارب أربعة عشر قرنا مضت ترجمة لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: المسلم للمسلم كالبنان يشده بعضه بعضا …….)).
وهنا يتضح من مفهوم الخدمة المجتمعية – التي يمكن تأطير تنظيره على أنه – تقديم الدعم والمساعدة لشخص أو فئة في المجتمع حتى يكون فاعلا مستفيدا من فاعليته بعد تقديم ذلك الدعم والخدمة المجتمعية.
عرفها هربرت ستروب 1948بأنّها الفن الذي يعمل صاحبه على إيصال الموارد العديدة إلى مجموعة من الأفراد والجماعات بهدف سدّ حاجات شرائح مختلفة من الناس كما عرفتها ووصفتها هيلين وتمر 1942 بأنها طريقة علمية لخدمة الإنسان ’ ونظام اجتماعي يساعد على حل مشكلاته وتنمية قدراته ’ ويساعد النظم الاجتماعية الأخرى في المجتمع على حسن القيام بدورها، كما يعمل على خلق نظم جديدة تظهر حاجة المجتمع إليها في سبيل تحقيق رفاهية أفراده.
وفي الكتاب السنوي للخدمة الاجتماعية الأمريكية 1955 عرفت الخدمة الاجتماعية على أنها:
” خدمة مهنية تقدم للناس بغرض مساعدتهم كأفراد وجماعات على الوصول إلى علاقات ومستويات معيشية تتفق مع رغباتهم وقدراتهم والمجتمع الذي يعيشون فيه . . . “.
ويبقى مفهوم الخدمة المجتمعية مرتبطا ارتباطا أصيلا بالإنسان ويعزز مصطلح الإنسانية في كافة الحضارات في كل زمان ومكان ومن خلاله قد تزول الطبقية الحاصلة في المجتمعات وتتحقق الرفاهية وتعزز الموارد البشرية التي هي أساس المجتمع وروحه.
يأتي تعزيز الخدمة المجتمعية في أروقة مؤسسات التعليم المختلفة في العالم على وجه العموم ومؤسسات التعليم وغيرها من المؤسسات والشركات في عمان على وجه الخصوص مؤشرا واضحا – من حيث الاهتمام به وتعزيزه- جنبا إلى جنب مع مجالات التعليم والتعلم والبحث العلمي إيمانا من مؤسسات التعليم بضرورة إشراك المجتمع الأكاديمي في رفع الوعي بأهمية الخدمة المجتمعية في أواسط الفئات المنتسبة للمؤسسة التعليمية من مدرسين وطلاب.
ولا يوجد بأي حال من الأحوال من يسوق للمعرفة المنتجة عند تقديم خدمة مجتمعية لفئة ما سوى من يمارسها بصورة مستمرة ويكسبها للمتعلم بصورة مدروسة ومؤطره تؤتي أكلها بنتاجات التعلم المثمرة سوى المدرس الذي يحقق أهدافا تعليمية باستخدامه لطرق تدريس وأساليب تقويم ناجحة يخرج بعدها نتاجات تعليمية فاعلة وهو بتطبيقه لمفهوم الخدمة المجتمعية يزكي علمه بنشره ليبقى أجرا دائما بإذن الله.
يأتي وجود شراكات فاعلة بين المؤسسات التعليمية والمجتمع المحيط بها إلى تطوير منظومة التعليم بها وتوسيع مدارك ومهارات المنتسبين للطرفين، فعندما تقدم ورشة في مهارات العمل الجماعي أو طرق التسويق للمهارات الشخصية أو تقديم ورشة في تصميم السير الذاتية أو ورشة لمهارات عملية في جانب ما لفئة ما في المجتمع بإنك بذلك تساعد في بناء شخصية فاعلة تتماهى مع المجتمع من خلال الوظيفة أو العمل الخاص الذي يبنى دخلا للفرد أو للمجموعة ويرفع من اقتصاد المجتمع بعد ذلك.
قد يسلم البعض أن الخدمة المجتمعية أو التربية المجتمعية أصبحا حكرا لصاحب الوظيفة المتعلقة بالخدمة المجتمعية كالأخصائي الاجتماعي أو الموظف الموجود في هيئة التأمينات الاجتماعية أو مراكز العمل الاجتماعي أو حتى المراكز والجمعيات وصناديق التكافل الاجتماعي التي أصبحت في الآونة الأخيرة تقدم خدمة اجتماعيه لفئات محددة في المجتمع جنبا إلى جنب مع الجهات الحكومية التي تقدم خدمات متنوعة لأصحاب الدخل المحدود وأسر الضمان الاجتماعي إلا أنه يبقى لكل قادر على العطاء أن يكون قدوة في عطاءة ولنا في المجتمع العماني نماذج رائعة تترجم معنى العطا في أبهى صوره .
*مدرس بكلية الزهراء للبنات – تخصص التصميم الجرافيكي.





